Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 44-46)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال سبحانه مستفهماً مخاطباً لمن يتأتى منه الرؤية عن حرمان بعض المعاندين عن هداية القرآن : { أَلَمْ تَرَ } أيها الرائي { إِلَى } قبح صنيع القوم { ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً } حظاً { مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ } الجامع لجميع الكتب ، الهادي للكل لكونهم موجودين عند نزوله ، سامعين الدعوة ، فممن أنزل إليه صلى الله عليه وسلم كيف يحرمون أنفسهمم عن الهادية إلى حيث { يَشْتَرُونَ } يختارون لأنفسهم { ٱلضَّلَٰلَةَ } بدل هدايته { وَ } مع ذلك لا يقتصرون عليه بل { يُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ } ترتدوا ويظلموا عليكم أيها المؤمنون { ٱلسَّبِيلَ } [ النساء : 44 ] الواضح الموصل إلى زلال الهداية بإلقاء الشبه الزائفة في قلوب ضعفائكم ، وإظهار التكذيب وادعاء المخالفة بينك وبين الكتب المتقدمة . ولا تغتروا أيها المؤمنون بودادتهم وتلمقهم ولا تتخذوهم أولياء ؛ إذ هم أعداء لكم { وَٱللَّهُ } الرقيب عليكم { أَعْلَمُ } منكم { بِأَعْدَائِكُمْ } فعليكم أن تفوضوا أموركم كلها إليه ، والتجئوا نحوه واستنصروا منه ليدفع بلطفه مؤونة شرورهم { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً } أي : كفى الله ولياً للأولياء { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً } [ النساء : 45 ] لهم ينصرهم علكى الأعداء بأن يغلبهم عليهم وينتقم منهم خصوصاً . { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } نسبوا إلى اليهودية وسموا به ، وهم من غاية بغضهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم يدعون مخالفة القرآن بجميع الكتب السالفة ، لذلك { يُحَرِّفُونَ } ويغيرون { ٱلْكَلِمَ } المنزلة في التوراة في شأن القرآن وشأن بعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم { عَن مَّوَاضِعِهِ } التي وضعها الحق سبحانه ، بل يستبدلونها لفظاً ومعنى مراء ومجادلة { وَيَقُولُونَ } حين دعاهم الرسول إلى الإيمان : { سَمِعْنَا } قولك { وَعَصَيْنَا } أمرك { وَٱسْمَعْ } منا في أمرن الدين كلاماً { غَيْرَ مُسْمَعٍ } لك من أحد { وَرَٰعِنَا } لتستفيد منا ، وإنما يقصدون بأمثال هذه المزخرفات الباطلة { لَيّاً } إعراضاً وصرفاً للمؤمنين { بِأَلْسِنَتِهِمْ } عما توجهوا نحوه من التوحيد الإيمان إلى ما تشتهيه نفوسهم . { وَ } يريدون أن توقعوا بها { طَعْناً فِي ٱلدِّينِ } القويم والشرع المستقيم { وَلَوْ أَنَّهُمْ } من أهل الهداية ولهم نصيب منها { قَالُواْ } حين دعاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام : { سَمِعْنَا } قولك { وَأَطَعْنَا } أمرك { وَٱسْمَعْ } من ربك من الأحكمام ، واسمع إيانا { وَٱنْظُرْنَا } بنظر الشفقة والمرحمة حتى نسترشد منك ونستهدي { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } في أولاهم وأخراهم { وَأَقْوَمَ } أي : أعدل سبيلاً إلى التوحيد والإيمان { وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ } أي : طردهم عن عز حضوره في سابق علمه { بِكُفْرِهِمْ } المركوز في جبلتهم { فَلاَ يُؤْمِنُونَ } منهم { إِلاَّ قَلِيلاً } [ النساء : 46 ] استثناهم الله سبحانه في سابق علمه .