Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 77-78)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى } المؤمنين { ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ } عند ضعفهم ، وثاثة حالهم حين كانوا في مكةك قبل الهجرة يريدون أن يقاتلوا : { كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ } عن القتال إلى أن يأذن الله لكم به ويرد الأمر عليه { وَأَقِيمُواْ } أديموا { ٱلصَّلَٰوةَ } المقرب لكم نحوه بجميع الأعضاء والجوارح { وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ } المصفية لنفوسكم عن الميل إلى زخرفة الدنيا ، وانتظروا إلى أن يأمركم الله بالقتال والجهاد { فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ } بعدما قوَّي حالهم ، وزال ضعفهم { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } بضعف يقينهم ، وقلة وثوقهم بنصر الله وتأييده { يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ } أي : يخالفون من الكفار { كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ } مثل خوفهم من الله { أَوْ } بل { أَشَدَّ خَشْيَةً } لوهن اعتقادهم ، واعتمادهم على الله ؛ إذ هم في أوائل ظهور الإسلام حين كانوا متزلزلين ، لا يصفوا يقينهم بالتوحيد { وَقَالُواْ } حين سمعوا نزول أمر القتال مسوفين متأخرين : { رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ } مع أنا على ضعفنا { لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } يزداد فيه قوتنا وشوكتنا وعدتنا ، وإنما قالوه خوفاً من الموت وفوات المال { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تذكيراً وتنبيهاً : { مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ } عمل قصير بالنسبة إلى عطاء الله ، وشرف لقائه { وَٱلآخِرَةُ } المعدة لجزيل العطاء وشرف اللقاء { خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ } عما يشغلهم عنه وعن عطائه { وَ } اعلموا أيها المؤمنون أنكم { لاَ تُظْلَمُونَ } لا تنقصون ولا تهملون مما قدر لكم في القضاء { فَتِيلاً } [ النساء : 77 ] مقدر فتيل النواة . واعلموا أيضاً أن تسويفكم وتأخيركم لا يفيدكم نفعاً في أمر الموت ، بل وقته مبهم وأمره مبرم . { أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ ٱلْمَوْتُ } عند حلول الأجل المقدر له من عده { وَلَوْ كُنتُمْ } متحصنين { فِي بُرُوجٍ } قلاع وحصون { مُّشَيَّدَةٍ } بأنواع التشييدات والتحصنات ؛ إذ لا مرد من قضاء الله ولا معقب لحكمه ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد { وَ } هم أيضاً من غاية تزلزلهم وتذبذهم ، وعدم رسوخهم في جادة التوحيد { إِن تُصِبْهُمْ } حَسَنَةٌ فتح وغنيمة تفرح بها نفوسهم وتنبسط { يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ } تفضلاً علينا ، وامتناناً { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ } بلية واختبار تنقبض بها نفوسهم { يَقُولُواْ هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ } أي : اضافوها إليك مشتائمين بك ، كما تشاءمت اليهود حيث قالت : منذ دخل محمد المدينة نقصت ثمارها وغلبت أسعارها { قُلْ } لهم كلاماً ناشئاً عن محض الحكمة والإيقان : { كُلٌّ } من الحوادث الكائنة سواء كانت مفرحة أو مملة ، مقبضة أو مبسطة نازل { مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ } حسب قدرته وإرادته ، لا يسأل عن فعله ولا في أمره ، بل له التصرف مطلقاً { فَمَالِ } عرض { هَـٰؤُلاۤءِ ٱلْقَوْمِ } المنحطين عن درجة التوحيد والعرفان { لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ } ويفهمون { حَدِيثا } [ النساء : 78 ] يخلصهم عن التزلزل ، وتردد المرتبة على الإضافات المنافية للتوحيد ، ولو أنهم من أهل التدبير والتأمل في سرائر كلام الله ومرموزاته لفتح عليهم مما يخلصهم عن دغدغة الكثرة مطلقاً ، فكيف إضافة الحسنة والسيئة .