Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 79-82)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما أراد سبحانه أن ينبه على خلص عباده طريق توحيده ، وأن ظهوره في المظاهر كلها خير محض لرسوله صلى الله عليه وسلم لأن تحمل أمثال هذه الخطابات ، وأن الشر إنما هو من الإضافة العارضة بسبب التعينات العدمية ، فقال مخاطباً لرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن تحمل أمثال هذه الخطابات الصادرة عن محض الحكمة ، إنما يليق بجنابه ليصل منه إلى أمته : { مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ } مسرة لنفسك { فَمِنَ ٱللَّهِ } وعلى جري عادته ، وظهوره على مظاهره بالخير والحسنى { وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ } محزنة مملة لنفسك { فَمِن نَّفْسِكَ } تظهر ، ومن إضافتك تحصل ، وإلا فهو خير في نفسه لا شر في الوجود أصلاً { وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً } تنبه لهم ما نبهت من لدنا { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً } [ النساء : 79 ] على إرسالك وتبليغك . ثم قال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ ٱلرَّسُولَ } ويؤمن به ويصدقه بما جاء من عند ربه { فَقَدْ أَطَاعَ ٱللَّهَ } لأنه المظهر الجامع لجميع أوصافه وأسمائه ، وللمظهر حكم الظاهر فيه { وَمَن تَوَلَّىٰ } أعرض عن إطاعتك أعرض عنهم ، ولا تلتفت نحوهم { فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } [ النساء : 80 ] تحفظهم عما يشينهم ، بل مبلغاً داعياً لهم إلى طريق الحق وصراط مستقيم . { وَ } ممن يحوم حولك من المنافقين قوم إذا أمرتهم بامتثال أمر الله { يَقُولُونَ } في جوابك : { طَاعَةٌ } أي : منا امتثال وإطاعة لما أمرت { فَإِذَا بَرَزُواْ } خرجوا { مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ } زورت وافترت ولبست { غَيْرَ ٱلَّذِي تَقُولُ } تلك الطائفة لك ، وقلت لها { وَٱللَّهُ } المجازي لهم والمحاسب أعمالهم { يَكْتُبُ } في صحائفهم ، ويجازي عليهم بها { مَا يُبَيِّتُونَ } ويزورون { فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ } ولا تبال بإطاعتهم وقبولهم { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } في جميع الأمور ، واتخذه ولياً ونصيراً { وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } [ النساء : 81 ] يكفيك مؤونة ضررهم وشرورهم ، وينتقم لك عنهم . ومن جملة نفاقهم وشقاقهم أنهم يطعنون في القرآن بأنواع المطاعن ، تارة ينسبونه إلى غير الله وتارة يكذبونه ، وتارة يقولون : هو من أساطير الأولين ، أيترددون في أمره ويطعنون في شأنه ؟ . { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ } ويتأملون { ٱلْقُرْآنَ } لفظاً ومعى ، ظهراً وبطناً ، دلالة وحكماً ، اقتضاءً ونصاً إشارةً وإيماءً ، تلويحاً ورمزاً ، حتى يتفطنوا أنه ما هو من كلام البشر { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ } أي : من جنس كلام البشر { لَوَجَدُواْ فِيهِ } البتة { ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً } [ النساء : 82 ] حسب تفاوت درجات أشخاص البشر .