Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 1-5)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حـمۤ } [ غافر : 1 ] يا حامل الوحي وحاميه ، ويا ماحي الغير والسوى عن لوح الضمير مطلقاً . { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه ، إليك يا أكمل الرسل تأييداً لك في أمرك وشأنك { مِنَ ٱللَّهِ } أي : من الذات المعبر بهذا الاسم الجامع { ٱلْعَزِيزِ } المنيع الغالب ساحة عز حضوره عن أن يحوم حول وحيه شائبة الريب والتخمين { ٱلْعَلِيمِ } [ غافر : 2 ] الذي لا يعزب عن حيطة علمه شيء مما جرى عليه قضاؤه . { غَافِرِ ٱلذَّنبِ } أي : ساتر ذنوب الأنانيات ، والهويات الحاصلة من انصباغ التعينات العدمية بصيغ الأسماء والصفات { وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } أي : التوبة والرجوع على وجه الإخلاص والندم من إثبات الوجود لغيره سبحانه { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } على من خرج عن ربقة عبوديته بإسناد الحوادث إلى نفسه ، أو إلى مثله في الحدوث والمخلوقية { ذِي ٱلطَّوْلِ } والغني عن توحيد الموحد وإلحاد المشرك الملحد ؛ لأنه في ذاته { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ولا موجود سواه يُعبد له ويُرجع إليه في الخطوب ؛ إذ { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } [ غافر : 3 ] أي : مرجع الكل إليه سواء وحدَّه الموحدون ، أو ألحد في شأ ، ه الملحدون المشركون . ثم قال سبحانه توضيحاً وتصريحاً لما عُلم ضمناً : { مَا يُجَادِلُ } ويكابر { فِيۤ } شأن { آيَاتِ ٱللَّهِ } ودلائل توحيده واستقلاله في الآثار المترتبة على شئونه وتجلياته { إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وستروا ظهور شمس الذات ، وتحققها في صفحات الكائنات بغيوم هوياتهم الباطلة وتعيناتهم العاطلة { فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } [ غافر : 4 ] أي : لا يغررك يا أكمل الرسل إمهالنا إياهم ، يتقبلون في بلاد الإمكان وبقاع الهيولي عن إمهالنا وعدم انتقامنا منهم بالطرد إلى هاوية العدم وزاوية الخمول . وإن كذبوك يا أكمل الرسل في دعوتك وشأنك وعاندوا معك ، فاصبر على أذاهم وتذكر كيف { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ } أخاك نوحاً ، وكيف صبر هو حتى ظفر عليهم حين ظهر أمرنا ، وجرى حكمنا بأخذهم واستئصالهم { وَ } كيف كذبت { ٱلأَحْزَابُ } والأمم الكثيرة { مِن بَعْدِهِمْ } أي : بعد قوم نوح رسلهم المبعوثين إليهم للهداية والإرشاد . { وَ } بالجملة : { هَمَّتْ } وقصدت { كُـلُّ أُمَّةٍ } من الأمم الماضية { بِرَسُولِهِمْ } المرسل إليهم { لِيَأْخُذُوهُ } ويِأسروه ، بل ليقتلوه أو يستحقروه ويهينوه { وَجَادَلُوا } أولئك الهالكون المنهمكون في تيه الكبر والعناد معهم { بِٱلْبَاطِلِ } الزاهق الزائل في نفسه { لِيُدْحِضُواْ بِهِ } ويزيلوا به { ٱلْحَقَّ } الحقيق بالإطاعة والاتباع { فَأَخَذْتُهُمْ } واستأصلهم بعدما أمهلتهم زماناً ، يعمهون في طغيانهم ، ويترددون في بنيانهم { فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } [ غافر : 5 ] إياهم حين حلَّ عليهم ما حلَّ من العذاب .