Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 6-9)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَكَذَلِكَ حَقَّتْ } وثبتت { كَلِمَةُ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل في لوح قضائه وحضرة علمه { عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } بك وبدينك وكتابك { أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } [ غافر : 6 ] أي : ملازموها وملاصقوها أبد الآباد ، لا نجاة لهم منها ، فـ { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } [ النحل : 127 ] . ثم أشار سبحانه إلى حثِّ المؤمنين الموحدين على الإيمان ، ومواظبة الشكر على إنعام الله إياهم باليقين ، فقال : { ٱلَّذِينَ يَحْمِلُونَ ٱلْعَرْشَ } وهم الكروبيون الذين سبقوا بحمل العرش الإلهي ، وحفظ ما انعكس فيهم من تجلياته الجمالية بدوام المراقبة والمطالعة بوجهه الكريم { وَمَنْ حَوْلَهُ } من الملائكة الذين يطوفون حول العرش ، ويقتفون أثر أولئك الحملة السابقين كلهم { يُسَبِّحُونَ } وينزهون الحق عن سمات الحدوث والإمكان ، ويقدسونه عن عروض السهو والنيسان ؛ إذ كمال ما يدرك المدرك منه سبحانه إنما هو التسبيح والتقديس ، وإلا فالأمر أعز وأعلى من أن يحيط به الآراء ويحوم حوله الأهواء ، ويواظبون { بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } على ما أولاهم نعمة التوجه إليه والتحنن نحوه . { وَ } بالجملة : { يُؤْمِنُونَ بِهِ } سبحانه ، ويوحدونه ، ويعتقدون أوصافه العليا وأسماؤه الحسنى ، وإن عجزوا عن كنه ذاته { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ } أي : يطلبون العفو والستر منه سبحانه لذنوب إخوانهم الذين آمنوا بوحدة الحق وكمالات أسمائه وصفاته ، مثل إيمانهم سواء كانوا سماويين أو أرضيين ، قائلين مناجين مع ربهم حين استغفارهم : { رَبَّنَا } يا من ربانا على فطرة تسبيحك وتقديسك ، ومداومة حمدك وثنائك ، أنت بذاتك بمقتضى كرمك وجودك { وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً } أي : وسعت رحمتك ، وأحاطت حضرة علمك على كل ما لمع عليه بروق تجلياتك وشروق شمس ذاتك { فَٱغْفِرْ } لسعة رحمتك وجودك { لِلَّذِينَ تَابُواْ } ورجعوا نحو بابل نادمي ، وامحُ عن عيون بصائرهم سبل الغير والسوى في جنب بابك { وَٱتَّبَعُواْ } بالعزيمة الصادقة الخالصة { سَبِيلَكَ } الذي أرشدتهم إليه بوحيك على رسلك { وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } [ غافر : 7 ] أي : احفظهم عن عذاب الطرد والحرمان المعد لأصحاب الخسران في جميع حجتهم الخذلان . { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ } بفضلك ولطفك { جَنَّاتِ عَدْنٍ } أي : متنزههات العلم والعين والحق { ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ } في كتابك لعموم أرباب العناية من عبادك { وَ } كذا أدخل { مَن صَـلَحَ } عندك لفيضان جودك وإحسانك { مِنْ آبَآئِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } الذين تناسلوا منهم على فطرة التوحيد ، وحلية الإيمان والعرفان { إِنَّكَ } بذاتك وأسمائك وصفاتك { أَنتَ ٱلْعَزِيزُ } المنيع ساحة عز حضوره عن أن يحوم حوله شائبة وهم أحد من مظاهرك ومصنوعاتك { ٱلْحَكِيمُ } [ غافر : 8 ] في جميع أفعالك الصادرة عنك على كمال الإحكام والإتقان . { وَقِهِمُ } بمقتضى حكمتك المتقنة { ٱلسَّيِّئَاتِ } أي : الجرائم والآثام المستتبعة لإدخالهم إلى دركات النيران ، { وَمَن تَقِ ٱلسَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ } أي : من تحفظه أنت بمقتضى لطفك وتوفيقك عن المعاصي في النشأة الأولى { فَقَدْ رَحِمْتَهُ } ألبتة في النشأة الأخرى { وَذَلِكَ } أي : وقايتك وحفظك إياهم عن أسباب الخذلان والحرمان { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ غافر : 9 ] والكرم العميم واللطف الجسيم .