Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 34-35)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال القائل المذكور تسجيلاً على غيهم وضلالهم : { وَ } كيف تستبعدون نبوة هذا المدعي ورسالته من عند الله مع أنه ليس ببدع منه ، بل { لَقَدْ جَآءَكُـمْ } أي : على آبائكم وأسلافكم { يُوسُفُ } ابن يعقوب رسولاً { مِن قَبْلُ } أي : من قبل هذا المدعي مؤيداً من عنده سبحانه { بِٱلْبَيِّنَاتِ } المبينة الموضحة لدعواه ورسالته { فَمَا زِلْتُمْ } أي : كنتم دائماً مستمراً سلفاً وخلفاً { فِي شَكٍّ } وتردد { مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ } في أمر الدين وشأن التوحيد واليقين { حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ } أي : مات يوسف عليه السلام وانقرض زمانه { قُلْتُمْ } من كمال تعنتكم وعنادكم على سبيل الجزم ، بلا دليل وبرهان نزل عليكم عقلاً ونقلاً : { لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } مع أنكم شاكون في رسالته أيضاً ، بل في مطلق الرسالة والإنزال من الله الواحد القهار . { كَذَلِكَ } أي : مثل ضلالكم هذا { يُضِلُّ ٱللَّهُ } المضل المغوي بمقتضى قهره وجلاله جميع { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } في الخروج عن مقتضى الحدود املوضوعة لحفظ القسط الإلهي والاعتدال الحقيقي { مُّرْتَابٌ } [ غافر : 34 ] شاك فيما يثبته البينات الواضحة والمعجزات اللائحة . وبالجملة : المسرفون المكابرون { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على توحيده ، واستقلاله بالتصرفات الواقعة في ملكه وملكوته { بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } أي : حجة قاطعة وبرهان واضح { أَتَاهُمْ } على سبيل الإلهام والوحي والبيان { كَبُرَ } وعظم حالهم وشأنهم هذا { مَقْتاً } أي : ليكون سبباً لمقتهم وهلاكهم { عِندَ ٱللَّهِ } أصالة { وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله وكمال قدرته على أنواع الإنعام والانتقام تبعاً { كَذَلِكَ } أي : مثل ما سمعت يا أكمل الرسل و { يَطْبَعُ } ويختم { ٱللَّهُ } العليم الحكيم { عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ } مجبول على الشقاوة والضلال في أزل الآزال { مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } [ غافر : 35 ] يمشي على الأرض خيلاء ويضر بأهلها ، وإنما أمهله سبحانه هكذا ؛ ليوفر عليه عذابه المعد لأجله ، ويخلده في نار القطيعة والحرمان أبد الآباد .