Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 1-5)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حـمۤ } [ فصلت : 1 ] يا حافظ وحي اللهن المؤيَّد من عنده لحفظ حدوده بمقتضى أوارمه ونواهيه ، هذا القرآن الجامع لمصالح عموم المظاهر والأكوان . { تَنزِيلٌ } صارد { مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } أي : من الذات الأحدية بمقتضى اسم الرحمن المستوي به على عروش عموم الأكوان ؛ لإصلاح حال كل ما لاح عليه شمس ذاته تتميماً لتربيته إياه ؛ إذ ما من رطب ولا يابس إلا وهو سبحانه مشتمل عليه ومتكفل لتربيته وتدبيره { ٱلرَّحِيمِ } [ فصلت : 2 ] بإنزاله لخواص عباده ؛ ليتنبهوا من رموزه وإشاراته إلى وحدة الحق كمال أسمائه وصفاته . وإنما صار القرآن جامعاً بين مرتبتي الظاهر والباطن والأول والآخر ؛ لأنه { كِتَابٌ } شامل كامل { فُصِّلَتْ } بُينت وأُوحضت { آيَاتُهُ } المشتملة على دلائل التوحيد بشواهد القصص والأحكام ، ومبنهات العز والحكم ، ومحاسن الأخلاق والأعمال ، ومقابيح المناهي من الأفعال والأحوال في النشأة الأولى والأخرى ، ولهذا صار { قُرْآناً } فرقاناً واضحاً تبياناً { عَرَبِيّاً } بياناً ؛ إذ لا لغهة أحسن منه وأشمل وأفضل وأكمل ، وإنما فصلت وأوضحت { لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } [ فصلت : 3 ] أي : يوفقون من لدنه سبحانه على العلم اللدني والفطرة الأصلية التي هي المعرفة والتوحيد . ولهذا صار { بَشِيراً } يبشر أهل العناية والسعاة والفوز العظيم الذي هو يحققهم بمقام الرضا والتسليم { وَنَذِيراً } ينذر أصحاب الشقاوة والحرمان عن خلود النيران ولعذاب الأليم ، ومع علو شأنه ووضح تبيانه وبرهانه . { فَأَعْرَضَ } عنه ، وانصرف عن قبوله وسماعة سمع تدبر وتأمل { أَكْثَرُهُمْ } أي : أكثر المكلفين المأمورين من عنده سبحانه بامتثال ما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام ، وباتصاف ما ذكر فيه من الأخلاق والأعمال ، وما رمز إليه من المعارف والأحوال { فَهُمْ } من شدة قساوتهم وغفلتهم { لاَ يَسْمَعُونَ } [ فصلت : 4 ] ولا يلتفتون نحوه عتوّاً وعناداً ، فكيف عن فحصه وقبوله ، ودراية ما فيه من الرموز والإشارات . { وَ } من غاية عمههم وسكرتهم ، ونهاية عتوهم ، وإعراضهم عن استماع كلمة الحق والالتفات إليه { قَالُواْ } على سبيل التهكم والتسخر : { قُلُوبُنَا } التي في وعاء الإيمن والاعتقاد { فِيۤ أَكِنَّةٍ } وأغيطة كثيفة وغشاوة غليظة { مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } من المعرفة والتوحيد ، لا نتنبه ولا نتفطن بحقيته { وَ } أيضاً { فِي آذانِنَا } التي هي وسائل العظة والتذكير { وَقْرٌ } صمم مانع عن استماع آياتك الدالة على صدقك في دعواك المبينة المثبتة لدعواك . { وَ } بالجملة : حال { مِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ } أيها المؤيَّد بالوحي والإلهام { حِجَابٌ } عظيم يمنعنا عما تدعونا إليه ؛ بحث لا يتيسر لنا رفعه ، ولا نقدر على انكشافه { فَٱعْمَلْ } أيها المدعي بمقتضى ما أوحاك إليك ربك وألهمك عليه { إِنَّنَا } أيضاً { عَامِلُونَ } [ فصلت : 5 ] بما تيسر لنا ووفقنا عليه ؛ إذ كل ميسر لما خُلق له .