Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 22-25)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه تذكيراً لما هم عليه عن ارتكاب المعاصي توبيخاً لهم وتقريعاً : { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } أي : لم تكونوا مسرين مستترين عند ارتكاب الفواحش والمحظورات مخافة { أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ } عند الله في يوم الجزاء ؛ لإنكاركم به ، بل إنما تشترون وتكتمون معاصيكم وقبائحكم مخافة فضاحتكم واشتهاركم بين الناس بالمذام { وَلَـٰكِن ظَنَنتُمْ } بالله ظن السوء ، وهو { أَنَّ ٱللَّهَ } المطلع لسرائر الأمور وخفاياتها { لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِّمَّا تَعْمَلُونَ } [ فصلت : 22 ] في خلواتكم ، لذلك اجترأتم على اقتراف المعاصي والآثام المحرمات . { وَذَلِكُمْ } أي : هذا الذي نسبتم إلى الله بقولهم هذا { ظَنُّكُمُ } السوء ، وزعمكم الفاسد { ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ } العليم الخبير بجميع ما صدر عنكم ، وهذا { أَرْدَاكُمْ } وأهلككم في تيه الجهل والضلال ، وبعدما فوَّتم على أنفسكم أسباب السعادة والهداية ، واخترتم بدلها ما يوجب الشقاوة والضلال { فَأَصْبَحْتُمْ مِّنَ } زمرة { ٱلُخَاسِرِينَ } [ فصلت : 23 ] وانقلبتم صاغرين مهانين ، وصرتم في النار خالدين . وبعدما دخلوا في النار المسعرة بأنواع المذلة والهوان { فَإِن يَصْبِرُواْ } على فوحاتها والتهاباتها الشديدة { فَٱلنَّارُ مَثْوًى } منزلاً { لَّهُمْ } أبداً ، لا نجاة لهم منها أصلاً { وَإِن يَسْتَعْتِبُواْ } ويبثوا الشكوى والعتبى ، ويظهروا الكآبة وعدم الطاقة { فَمَا هُم مِّنَ ٱلْمُعْتَبِينَ } [ فصلت : 24 ] المجابين بإزالة العتبى والشكوى ، بل كلما أظهروا العتاب ضوعف لهم العذاب . { وَ } كيف يزال عتابهم ، ولا يضاعف عليهم عذابهم ؛ إذ قد { قَيَّضْنَا } وقدرنا { لَهُمْ } فيما هم عليه من الكفر والشقاق ، وأنواع الفسوق والنفاق { قُرَنَآءَ } أخداناً وإخواناً من الشياطين يوحون إليهم ما يبعدهم عن الحق وأهله { فَزَيَّنُواْ لَهُم } وحسَّنوا لطباعهم { مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } من اتباع الشهوات ، واركتاب المناهي والمحظورات { وَ } إنكار { مَا خَلْفَهُمْ } من الأمور الأخروية مواعيدها وموعوداتها . { وَ } سبب ارتكاب المعاصي وإصفاؤهم ، قول قرنائهم { حَقَّ } وثبت { عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } وكلمة العذاب المؤبد منَّا ، وليس هذا مخصوص بقوم دون قوم بل جرت سنتا كذلك { فِيۤ } كل { أُمَمٍ } مفسدة مشركة { قَدْ خَلَتْ } ومضت { مِن قَبْلِهِمْ } أي : قبل هؤلاء المشركين المسرفين سواء أكانوا { مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } أي : المكلفين منها ، وإنما استحقوا العذاب المؤبد والنكال المخلد بسبب { إِنَّهُمْ كَانُواْ خَاسِرِينَ } [ فصلت : 25 ] خسراناً مبيناً ؛ لاستبدالهم أسباب السعادة والهداية بالشقاوة والضلال .