Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 17-21)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } بإرسال الرسل أياهم ؛ ليرشدوهم إلى النجاة ، وينقذوهم من الضلال ، وبعدما بلغهم الرسل ما بلغهم من آيات الهداية والرشاد ، كذبوهم وأنكروا هدايتهم { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ } والضلال بمقتضى عميهم وغفلتهم { عَلَى ٱلْهُدَىٰ } المنزل عليهم من عندنا على ألسنة رسلنا ، وبعدما أصروا على ما هم عليه من الغواية { فَأَخَذَتْهُمْ } فجأة { صَاعِقَةُ ٱلْعَذَابِ ٱلْهُونِ } المخزي المذل النازل من نحو السماء على صورة الصاعقة السريعة الجري والحركة ، فاستأصلهم بالمرة { بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ فصلت : 17 ] أي : بشؤم ما يقترفون من المعاصي والآثام الجالبة إياهم شدة غضب الله وعذابه . { وَ } من كمال قدرتنا على الإنعام والانتقام { نَجَّيْنَا } من تلك الصاعقة المهولة المهلكة القوم { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } برسلنا واهتدوا هدايتهم ، مع أنهم كانوا فيهم مجارين معهم { وَ } بسبب تخليصنا إياهم أنهم { كَانُواْ يتَّقُونَ } [ فصلت : 18 ] عن محارمنا ومنهياتنا ، مع كونهم مصتفين بكمال الإيمان والتوحيد . { وَ } اذكر يا أكمل الرسل لمن عاندك من المشركين { يَوْمَ يُحْشَرُ } ويُساق { أَعْدَآءُ ٱللَّهِ } بعد العرض والحساب { إِلَى ٱلنَّارِ } المعدة لجزائهم { فَهُمْ } حينئذ { يُوزَعُونَ } [ فصلت : 19 ] أي : يدفعون ؛ يعني : حبس أولهم ومقدومهم على أخرهم ؛ لئلا ينقطع تلاحقهم وأجتماعهم . { حَتَّىٰ إِذَا مَا جَآءُوهَا } أي : حضروا النار ، وازدحموا حولهم مجتمعين صائحين فزعين مجادلين منكرين بصدور أسباب العذاب عنهم ، مع أنهم يحاسبون أولاً ثم يساقون نحو النار ، ولإسكاتهم وتبكيتهم عن الجدال والمراء { شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُم } أي : أعترشفت جوارحهم وقواهم { بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ فصتل : 20 ] ويقترفون بها من المحرمات والمنهيات ، بأن يلهمهم الله الاعتراف والتنطق بلسان الحال والمقال ؛ إذ الكل مما أحاطت به قدرته سبحانه . { وَ } بعدما سمعوا من قواهم ما سمعوا من الاعتراف { قَالُواْ } موبِّخين مقرعين { لِجُلُودِهِمْ } وجوارحهم المعترفة بذنوبهم : { لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا } مع أنَّا لا نُعذب إلا بكم ومعكم ؟ من أين تجترئون على أنفسكم بالعرض على العذاب المؤبد أيها الحمقى الجهلاء { قَالُوۤاْ } ما كنا مختارين في هذه الشهادة والاعتراف ، بل { أَنطَقَنَا ٱللَّهُ } القادر المقتدر العليم الحكيم { ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ } بآيات وجوب وجوده ، ودلائل توحيده بمقتضى جوده ، وليس تعجباً من قدرته سبحانه إنطاقنا بما اقترفتم بنا من المعاصي والآثام المخالفة لأمره وحكمه ، غيره منه سبحانه ، وقهراً على من خرج عن ربقة عبوديته بترك أوامره وأحكامه . { وَ } كيف لا يغار ويقهر سبحانه عليكم أيها المفسدون المسرفون مع أنه { هُوَ } بذاته وبمقتضى أسمائه وصفاته { خَلَقَكُمْ } وأظهركم من كتم العدم خلقاً إبداعياً { أَوَّلَ مَرَّةٍ } بلا سبق مادة ومدة ، وشركة من أحد ومظاهرة { وَإِلَيْهِ } أيضاً آخر مرة كذلك { تُرْجَعُونَ } [ فصلت : 21 ] رجوع العكوس والأظلال إلى الأضواء ، والأمواج إلى الماء ، فمن أين تستنكفون عن عبوديته ، وتخرجون عن حكمه وأمره ؟ ! .