Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 37-42)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بالجملة : { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ } وهي الآثام والجرائم المؤديان إلى الشرك الجلي والخفي { وَٱلْفَوَاحِشَ } أي : الصغائر المنتهية إلى الكبائر بالرسوخ والإصرار { وَ } أيضاً ومن جملة أخلاق هؤلاء المؤمنين المحسنين { إِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } [ الشورى : 37 ] يبادرون إلى العفو والستر ، وكظم الغيظ ، وإصلاح البين ، وإخراج الغل والحقد عن نفوسهم . { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ } أي : أجابوا ، وقبلوا دعوة من دعاهم إلى الطاعات والعبادات ومطلق الخيرات والحسنات ، لا لغرض دنيوي بل { لِرَبِّهِمْ } طلباً لمرضاه وهرباً عن سخطه وانتقاماته { وَ } مع ذلك { أَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } أي : أداموا الميل والرجوع إلى الله في جميع حالاتهم { أَمْرُهُمْ } أي : عموم أمورهم المتعلقة لمعاشهم ومعادهم { شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } أي : هم متشاورون فيها مع إخوانهم ، بلا استبدادهم لهم فيها برأيهم ولا انفراد بعقلهم { وَ } من معظم أخلاقهم أنهم { مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي : أبحنا لهم وأضفنا إليهم من الرزق الصوري { يُنفِقُونَ } [ الشورى : 38 ] في سبيلنا للفقراء والمساكين ، طالبين منَّا مرضاتنا ومثوباتنا . { وَ } من جملة أخلاقهم وأجلّها : إنهم هم { ٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ } ولإخوانهم في الدين { ٱلْبَغْيُ } والعدوان من بغي باغٍ ظالم وعدو عادٍ { هُمْ يَنتَصِرُونَ } [ الشورى : 39 ] يبادرون إلى الغلبة والانتصار غيرة على الله ، وحمية لحمى حدوده الموضوعة على مقتضى العدالة القويمة الإلهية عن الظلم والعدوان ، وإظهاراً لما أودع الحق فيهم من فضيلة خصلة الشجاعة المحمودة عند الله ، وعند عموم أرباب المروءة من الأنبياء والأولياء ؛ إذ كلا طرفيها وهما الجبن والتهور ، مذمومان عقلاً وشرعاً ، والشجاعة المقتصدة بينهما محمودة جداً . ثم قال سبحانه تعليماً لعابده طريق هدايته ورشاده : { وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ } أصابتك من أحد من بني نوعك { سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا } لا أزي منها ؛ أي : إذا أساءك أحد بسيئة ، فأنت أيها المكلف تسيئه بمثلها جزاءً وعقوبة ، سمى الجزاء سيئة ؛ للازدواج والمشاكلة ، هذا بحسب الرخصة الشرعية ، وأما بحسب العزيمة { فَمَنْ عَفَا } وتجاوز عن الجاني والمسيء خالصاً لوجه الله وطلباً لمرضاته { وَأَصْلَحَ } بالصلح والإحسان ما أفسده بالجناية والإساءة { فَأَجْرُهُ } قد وقع { عَلَى ٱللَّهِ } وجزاؤه مفوض إلى كرمه يجازيه بمقتضى فضله وجوده ما شاء الله ، وبالجملة : { إِنَّهُ } سبحانه بمقتضى عدالته الذاتية { لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ } [ الشورى : 40 ] المجاوزين عن الحدود الإلهية سيما في العقوبات والجنايات . { وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ } وغلب على الظالم { بَعْدَ ظُلْمِهِ } أي : بعدما ظلم منه منتقماً عليه { فَأُوْلَـٰئِكَ } المنتصرون المنتقمون { مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ } [ الشورى : 41 ] بالمعاتبة والمعاقبة ؛ لأنهم منتقمون بالرخصة الشرعية . بل { إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ } بهما { عَلَى } المسرفين { ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ } أي : يبتدئون بالظلم ، ويظهرون بينهم بالعدوان والطغيان { وَيَبْغُونَ } أي : يطلبون بظلمهم فساداً { فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } بلا خصة شرعية { أُوْلَـٰئِكَ } البعداء المجاوزون عن الحدود الشرعية { لَهُمْ } في النشأة الأخرى { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الشورى : 42 ] هو إحراقهم بنار القطيعة ، لا عذاب أشد منه وأفزع .