Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 32-36)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } أيضاً { مِنْ آيَاتِهِ } الدالة على ولايته الكاملة ، وتدبيراته الشاملة { ٱلْجَوَارِ } أي : السفن الجارية { فِي ٱلْبَحْرِ كَٱلأَعْلاَمِ } [ الشورى : 32 ] أي : كالجبال الرواسي في العظمة والثقل . { إِن يَشَأْ } سبحانه { يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ } المجرية لهن { فَيَظْلَلْنَ } ويبقين تلك السفن حينئذ { رَوَاكِدَ } سواكن { عَلَىٰ ظَهْرِهِ } أي : ظهر البحر ولججه ، فضاع جميع من فيها وما فيها { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الإجراء والإرسال { لآيَاتٍ } دلائل واضحات على تولية الحق وتدبيره { لِّكُلِّ صَبَّارٍ } حبس نفسه في مقام الرضا بما قسم له ربه { شَكُورٍ } [ الشورى : 33 ] بما ظهر عليه من آله ونعمائه . { أَوْ } إن يشأ يرسلهن إرسالاً عنيفاً بالرياح العاصفة حتى { يُوبِقْهُنَّ } أي : يغرقهن ، ويهلك بعض من فيهن { بِمَا كَسَبُوا } أي : بشؤوم أعمالهم التي اقترفوها من البخل والحسد والحرص المفرط والأمل الطويل ، وغير ذلك من الأخلاق المذمومة { وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 34 ] أي : ومع ذلك يتجاوز سبحانه عن إهلاك أكثرهم ، وينجيهم من ورطة الهلاط بحسن أعمالهم وخلوص نياتهم تفضلاً منه سبحانه إياهم وتكريماً لهم . كل ذلك ليختبر سبحانه عباده ، وينتقم عنهم ، ويميز منهم أهل الرضا والتسليم عن غيرهم { وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ } أي : وليعلم المجادلون المكابرون { فِيۤ آيَاتِنَا } ومقتضياتها عناداً وعدواناً { مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } [ الشورى : 35 ] مهرب ومخلص من عذابنا إن تعلقت إرادتنا بانتقامهم وإهلاكهم . وإن استظهر أهل الجدال بالأموال والأولاد ، واستكبروا بها وافتخروا عليها ، قل لهم يا أكمل الرسل نيابة عنَّا : { فَمَآ أُوتِيتُمْ } وأعطيتم { مِّن شَيْءٍ } حقير قليل ، ما هي إلا من حطام الدنيا ومتاعها { فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } فانية بفنائها ، تتمتعون بها فيها مدة يسيرة ، ثم تمضون مع حسرة كثيرة وندامة طويلة { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ } من اللذات الروحانية والكرامات المعنوية { خَيْرٌ } من الدنيا وما فيها ، ـ بل من آلافها وأضعافها { وَأَبْقَىٰ } أقدم وأدوم { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } بوحدة الحق وانكشفوا بكمالات أسمائه وأوصافه ، وتحققوا بشهود شئونه وتجلياته { وَ } هم بعدما تمكنوا في مقام الرضا والتسليم ، وتوطنوا في أعظم سواد الفقر ، وأعلى درجات عالم اللاهوت { عَلَىٰ رَبِّهِمْ } لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية { يَتَوَكَّلُونَ } [ الشورى : 36 ] يوفضون أمورهم ويسلمون ، غاضبين عيون بصائرهم وأبصارهم عن الالتفات إلى ما سوى الحق مطلقاً ، لذلك ما يرون بنوره من مرايا مظاهره ومجاليه إلا لمعات وجهه الكريم .