Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 49-56)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } مع ذلك لم يرجعوا بل { قَالُواْ } عند نزول البلاء وهجوم العناء مسترجعين نحوه ، منهمكين معه : { يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ } الماهر في السحر { ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } الذي زعمت ألا منزل للمصيبة سواه ، ولا كاشف أيضاً إلا هو { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } أي : بمقتضى ما وعد لك وعهد معك ألا يعذب من آمن بك وصدقك ، فإنن انكشف الضر عنَّا بدعائك { إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } [ الزخرف : 49 ] بهدايتك مؤمنون لك ، مصدقون بنبوتك ورسالتك ، وبجميع ما دعوتنا إليه . { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ } بعد دعاء الأنبياء والرسل وتضرعهم نحونا ، راجين منَّا العفو والتجاوز { إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } [ الزخرف : 50 ] أي : فاجؤوا على نقض ما عهدوا ، مبادرين على الإنكار والعناد بلا تراخ وتأخير . { وَ } من كمال عتو فرعون ونهاية عناده واستكباره { نَادَىٰ فِرْعَوْنُ } بنفسه يوماً من الأيام حين كان { فِي } مجمع { قَوْمِهِ } مباهياً بما عنده من الجاه وسعة المملكة ؛ حيث { قَالَ يٰقَوْمِ } ناداهم ؛ ليسمعوا منه ويصغوا إليه سمع قبول { أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ } مع كمال وسعته وكثرة مملكته { وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ } الثلاثة المنشبعة من النيل ؛ هي نهر طولون ، ونهر دمياط ، ونهر نفيس { تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ } أي : تحت تصرفي وملكي { أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } [ الزخرف : 51 ] أيها المجبولون على البصارة . { أَمْ أَنَآ } أي : بل أنا { خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا } الساحر المدعي { ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ } رذيل مهان ، لا عزة له ولا مقدار { وَ } مع رذالته وسفالته { لاَ يَكَادُ يُبِينُ } [ الزخرف : 52 ] يظهر ويعرب كلامه للكنة في لسانه . { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ } أي : فلو كان مؤيداً من عند الله ، ومكرماً لديه كما زعم ، هلا أُلقي عليه أسورة { مِّن ذَهَبٍ } تدل على عزته وكرامته عنده وسيادته عند الناس ؛ إذ العادة حينئذ أن أهل الرئاسة والسيادة يُسورون ويطوفون بأسورة من ذهب { أَوْ } هلا { جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } من عند ربه { مُقْتَرِنِينَ } [ الزخرف : 53 ] معه مجتمعين ، يعينونه فيما يعنيه . وبالجملة : { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ } وسفَّههم وضعَّف أحلامهم بامتثال هذه الهذيانات الباطلة { فَأَطَاعُوهُ } وقَبِلوا منه جميع ما قال عتواً وعناداً { إِنَّهُمْ } في أنفسهم { كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [ الزخرف : 54 ] خارجين عن مقتضى العدالة الإلهية ، لذلك انحرفوا عن سواء السبيل واتبعوا ذلك الفاسق الطاغي . { فَلَمَّآ آسَفُونَا } وحملونا على القهر والغضب ، وحركوا حمية الغيرة الإلهية بامتثال هذه الجرائم الفاحشة { ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ } بمقتضى قهرنا وجلالنا { فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } [ الزخرف : 55 ] في اليم ، ومحنا رسومهم عن وجه الأرض . { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً } قدوة وأسلافاً قديمة { وَ } صاروا { مَثَلاً لِّلآخِرِينَ } [ الزخرف : 56 ] من أخلافهم ، يمثلون بهم ، وبوقائعهم يتعظون .