Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 43-48)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبعدما أكد سبحانه إنجاز الوعد الموعود عليهم ، وبالغ فيه ، أمر حبيبه صلى الله عليه وسلم بالتمكن والتثبت على مقتضى الوحي المنزَّل من عنده ، فقال : { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ } من القواعد الشرعية الموضوعة بالوضع الإلهي ، واعتمد عليه ، ولا تلتفت إليهم ، ولا تبالِ بإعراضهم { إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الزخرف : 43 ] موصل إلى توحيد ربك . { وَإِنَّهُ } أي : القرآن { لَذِكْرٌ } أي : عظة وتذكير { لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } فعليكم أن تتعظوا به ، وبما فيه من الحِكم والأحكام ، والعبر والرموز والإشارات { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 44 ] عن قيامكم بها وامتثالكم بما فيها . وإن عاند المشركين معك ، واستهزءوا بك وبكتابك ، ونسبوا دينك إلى البدعة والاختلاق ، فـ { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ } [ النحل : 127 ] وينسبونك إليه ، { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ } أي : أحبار قومهم وعلماء دينهم ، وفتش أحوالهم عن آثارهم وأخبارهم وكتبهم الباقية بعدهم { أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } المنزه في ذاته عن الشركة والتعدد مطلقاً { آلِهَةً يُعْبَدُونَ } [ الزخرف : 45 ] أي : هل حكمنا لهم ، وأمرناهم باتخاذ آلهة سوى الحق ، يُعبد لهم كعبادة الله ، بل ما اتخذوا آلهتهم إلا بمقتضى آرائهم الباطلة وأهويتهم الفسادة ، وما عبدوا لهم إلا ظلماً وزوراً . { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا } أخاك { مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ } الدالة على توحيدنا { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ } الطاغي المستعلي على من في الأرض { وَمَلإِيْهِ } المعاونين له في طغيانه { فَقَالَ } لهم بإذن منَّا وبمقتضى وحينا : { إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ الزخرف : 46 ] أرسلني إليكم لأرشدكم إلى طريق توحيدي ، وأوضح لكم سبيل المعاد . { فَلَمَّا جَآءَهُم } مؤيَّداً { بِآيَاتِنَآ } أي : بالخوارق والمعجزات الدالة على صدقه { إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } [ الزخرف : 47 ] أي : فاجؤوا على الضحك والاستهزاء أول رؤيتهم بها بلا تأمل وتدبر فيها . { وَ } الحال أنه { مَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ } من الآيات { إِلاَّ هِيَ } أي : الآية المرئية في الحال { أَكْبَرُ } وأظهر دلالة على كمال قدرتنا وصدق نبينا { مِنْ أُخْتِهَا } أي : من الآية السابقة عليها ، ومع ذلك أنكروا عليها واستهزءوا { وَ } بعدما بالغوا في العتو والعناد { أَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ } العاجل من القحط والطاعون وغيرها { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [ الزخرف : 48 ] رجاء أن يرجعوا عن إنكارهم إصرارهم عليه .