Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 74-80)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم قال سبحانه على مقتضى سنته السنية المستمرة : { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ } المنهمكين في بحر الجرائم والمعاصي { فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ } [ الزخرف : 74 ] على عكس خلود أصحاب الجنة في الجنة . بحيث { لاَ يُفَتَّرُ } ولا يخفف { عَنْهُمْ } من عذابها { وَهُمْ فِيهِ } أي : في العذاب الدائم { مُبْلِسُونَ } [ الزخرف : 75 ] آيسون من الخلاص والنجاة . { وَ } بالجملة : { مَا ظَلَمْنَاهُمْ } بإنزال العذاب عليهم { وَلَـٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّالِمِينَ } [ الزخرف : 76 ] المقصورين على الخروج والعدوان على مقتضى الحدود الموضوعة فيهم ؛ لحفظهم عن مثال هذا العذاب والنكال . { وَ } من شدة العذاب عليهم وقلة التصبر وفرط الفزع والجزع { نَادَوْاْ } صائحين صارخين : { يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } أي : سل ربك أن يقضي علينا بالمقت والهلاك ؛ إذ لا طاقة لنا اليوم بالعذاب وهوله وشدته ، ثم لما بثوا شكواهم مراراً ، وصاحوا فجعين فزعين تكراراً { قَالَ } القائل في جوابهم من قبل الحق على سبيل الاستبعاد والتأبيد : هيهات هيهات { إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] لا نجاة لكم عنها ، لا بالموت ولا بالخلاص والتخيف ، بل كلما نضجت جلودكم بدلنا لكم جلوداً غيرها ، وعذبناكم أشد العذاب . وكيف لا نعذبكم أيها الجاهلون المسرفون { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ } أي : بالطريق الحق الثابت الحقيق بالإطاعة والاتباع فانصرفتم عنه ، وأنكرتم عليه ولم تلتفتوا إليه ، بل { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ } بعدما تفطنوا { لِلْحَقِّ } وحقيته { كَارِهُونَ } [ الزخرف : 78 ] لقبوله والامتثال بمقتضاه . وهم مع كمال كراهتهم للحق وذبّهم عنه لا يقتصرون عليها { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ } أي : بل حكموا وقطعوا { أَمْراً } حكماً مبرماً ، مكراً وخديعة لرد الحق وتكذيب أهله { فَإِنَّا } بمقتضى قهرنا وجلالنا { مُبْرِمُونَ } [ الزخرف : 79 ] حاكمون حكماً قطعياً بإنزال العذاب المخلد عليهم جزاءً لمكرهم وخداعهم . أيشكون ويترددون أنَّا لا نقدر على انتقامنا وأخذهم { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ } نعلم وندرك { سِرَّهُمْ } الذي يخفونه في ضمائرهم { وَنَجْوَاهُم } الذي يتناجون به في هواجس نفوسهم { بَلَىٰ } إنَّا عالمون بجميع ما يجري في أسرارهم وضمائرهم ، مطلعون بعموم ما صدر من استعداداتهم وقابلياتهم { وَ } مع إحاطة علمنا بهم ولأحوالهم { رُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [ الزخرف : 80 ] جميع ما صدر عنهم ، نقيره وقطميره ، حتى نحاسبهم عليه ، ونجازيهم بمقتضاه .