Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 25-33)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبعدما هلكوا { كَمْ تَرَكُواْ } أي : كثيراً تركوا { مِن جَنَّاتٍ } منتزهات { وَعُيُونٍ } [ الدخان : 25 ] جاريات فيها { وَزُرُوعٍ } كثيرة في حواليها { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } [ الدخان : 26 ] أي : محافل مزينة ومنازل حسنة في خلالها { وَنَعْمَةٍ } أي : أسباب تنعم وترفه من الأمتعة والنسوان { كَانُواْ فِيهَا } أي : في تلك الجنات { فَاكِهِينَ } [ الدخان : 27 ] متنعمين مترفهين ، كذلك فعلنا بهم معهم من كمال قدرتنا ، بعدما أردنا إهلاكهم وانتقامهم بسبب تكذيبهم واستكبارهم على رسولنا ، وهكذا نفعل مع كل مكذب متكبر ، لا يؤمن بيوم الحساب . { كَذَلِكَ } بعدما تركوا الكل على ما كان وهلكوا { وَأَوْرَثْنَاهَا } أي : تلك الجنات وما يتفرع عليها من المستلذات المتروكات { قَوْماً آخَرِينَ } [ الدخان : 28 ] لا قرابة بينهم نسبياً وديناً ، وهم بنو إسرائيل ، وبعدما هلكوا واستؤصلوا . { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ } أي : لم تكترثا ، ولم تعتدا بهلاكهم واستئصالهم أصلاً ، مثل اعتدادهما لهلاك المؤمنين وفقدهم ، قال صلى الله عليه وسلم : " ما من عبد مؤمن إلا له في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله فإذا فقداه وبكيا عليه " . وعن المرتضى الأكبر كرم الله وجهه : إذ مات المؤمن بكى عليه مصله من الأرض ومصعد عمله من السماء ، قال السدي : لما قتل الحسين بن علي - رضي الله عنهما - بكت عليه السماء ، وبكاؤها عبارة عن حمرة أطرافها . { وَ } هم من غاية انهماكهم في الغي والضلال واستئصالهم بالمقت والهلاك { مَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } [ الدخان : 29 ] ممهلين مؤخرين إلى وقت آخر ، بل أخذتهم العزة بإثمهم حيث لا يمهلهم ولا يسوف عليهم ساعة . { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } [ الدخان : 30 ] وهو استبعادهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم استذلاً لا لهم واستهانة عليهم ، وإنما نجيناهم كرامة من إياهم وامتناناً عليهم ، وكيف لا يهينهم العذاب النازل عليهم . { مِن فِرْعَوْنَ } الطاغي المتجبر المتكبر على الأرض { إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ } عموم { ٱلْمُسْرِفِينَ } [ الدخان : 31 ] في عصره ، متبالغاً في العتو والعناد ، والغلبة على العباد أقصى غايته ، وبالجملة : لقد أخترناهم أي : بني إسرائيل واصطفيناهم من بين سائر الأمم المعاصرين معهم على علم متعلق منا أنهم أحقاء بالرئاسة والسيادة وأنواع الثروة والجاه على العالمين ؛ لكثرة ظهور الأنبياء والرسل فيهم ومنهم وبعد { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } [ الدخان : 32 ] بعدما اخترناهم . { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ } العظام الدالة على كمال اختصاصهم بمزيد الشرف والكرامة { مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ } [ الدخان : 33 ] ظاهر ، نختبر به إخلاصهم ورسوخهم على الإيمان .