Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 16-20)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كما أخبر سبحانه حكاية عن ضلال بني إسرائيل وانحرافهم عن سواء السبيل : { وَلَقَدْ آتَيْنَا } بمقتضى فضلنا وجودنا { بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ } أي : التوراة المبينة لهم طريق الهداية والرشاد { وَٱلْحُكْمَ } أي : الحكمة المنبئة عن العدالة الإلهية في قطع الخصومات { وَٱلنُّبُوَّةَ } أذ أكثر الأنبياء بعث منهم وإليهم { وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } أي : الرزق الصوري والمعنوي { وَ } بالجملة { فَضَّلْنَاهُمْ } بإفاضة النعم الجليلة عليهم { عَلَى ٱلْعَالَمينَ } [ الجاثية : 16 ] من أهل عصرهم . { وَآتَيْنَاهُم بَيِّنَاتٍ } دلائل مبينات منبهات موضحات { مِّنَ ٱلأَمْرِ } أي : التوحيد الذاتي الذي أنت يأ أكمل الرسل تبعث عليه وعلى تبيينه ، وبالجملة : { فَمَا ٱخْتَلَفُوۤاْ } في شأنك أي : { إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ } القطع في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم بأنك وكتابك ودينك يا أكمل الرسل على الحق ، وما أنكروا لك إلا { بَغْياً } وطغياناً ناشئاً بينهم حسداً وعدواناً بلا مستند عقلي أو نقلي ، فاصبر يا أكمل الرسل على مضضهم ، وغيظهم { بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ } الذي اصطفاك بكرامته ، واجتباك لرسالته { يَقْضِي } ويحكم { بِيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [ الجاثية : 17 ] يعني : في شأنك ودينك وكتابك ، بعدما عرفوا صدقك وحقية كتابك بالدلائل العقلية والنقلية بأنواع المؤاخذة والمجازاة . { ثُمَّ } اعلم يا أكمل الرسل إنا من مقام فضلنا وجودنا { جَعَلْنَاكَ } تابعاً مقتدياً مقتفياً { عَلَىٰ شَرِيعَةٍ } وطريقة منبئة موضحة { مِّنَ ٱلأَمْرِ } الذي أنت تظهر عليه ، وأتيت لتنبيهه ، ألا وهي الحقيقة التي هي عبارة عن الوحدة الذاتية الإلهية { فَٱتَّبِعْهَا } أي : الشريعة الموصلة إلى الحقيقة بالعزيمة الخالصة { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [ الجاثية : 18 ] فكيف ينكشفون بسرائرها وحكمها ، ولا تقبل منهم أباطيلهم الناشئة وآراءهم الفاسدة وأحلامهم السخيفة الكاسدة . وبالجملة : { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ } غضب { ٱللَّهِ شَيْئاً } إن تعلقت مشيئته بطردك ومقتك بسبب موالاتهم ومتابعتهم { وَ } بالجملة : { إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } الخارجين عن مقتضى الحدود والإلهية ، المنحرفين عن جادة العدالة الفطرية { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } لكمال مناسبتهم وموالاتهم ؛ إذ الجنسية علة الانضمام وعلامة الالتئام بينهم ، فعليك الإعراض والانصراف عنهم وعن موالاتهم { وَٱللَّهُ } المطلع على عموم ما في ضمائر عباده { وَلِيُّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الجاثية : 19 ] الذين يتقون عن محارم الله ، ويوالون ألوياء الله لله وفي الله . { هَـٰذَا } الذي ذكر في كتابك من الأخلاق المرضية ، والمنبهة على القسط الحقيقي والعدل الإلهي { بَصَائِرُ لِلنَّاسِ } يبصرهم طريق الهداية ، ويوصلهم إلى التوحيد الذاتي ، إن استقاموا عليها بالعزيمة الصادقة الصحيحة { وَهُدًى } يهديهم إلى سواء السبيل { وَرَحْمَةٌ } نازلة من قبل الحق { لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ الجاثية : 20 ] يوفقون للإيمان والإيقان والكشف والعيان .