Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 25-29)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } من نهاية جهلهم وغفلتهم عن الله وعن مقتضى ألوهيته وربوبيته { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا } الدالة على كمال تربيتنا إياهم مع كونها { بَيِّنَاتٍ } مبينات لهم طريق الهداية والرشاد ، منبهات لهم إلى معياد المعاد { مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ } حين سمعوها { إِلاَّ أَن قَالُواْ } على سبيل الإنكار والاستبعاد { ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ } وأسلافنا الذين مضوا وانقرضوا أحياء كما كانوا { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الجاثية : 25 ] في دعوى الحشر والنشر والميعاد الجسماني . وبعدما أعرضوا عن الحق وانصرفوا عن الآيات البينات ، وتشبثوا بأمثال هذه الحجج الواهية : { قُلِ } لهم يا أكمل الرسل كلاماً يحرك سلسلة حميتهم الفطرية ، ومحبتهم الجبلية لو ساعدهم التوفيق والعناية من عندنا : { ٱللَّهُ } المظهر للكل ، المحيط به ، المتصرف فيه على الإطلاق بالاختيار والاستحقاق { يُحْيِيكُمْ } ويبعثكم في النشأة الأخرى كما أوجدكم وأظهركم من كتم العدم أولاً في النشأة الأولى ، يبسط ظله عليكم { ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } ويعدمكم بقبضه عنكم { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ } أي : أنتم ومن انقرض من آبائكم { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } الذي { لاَ رَيْبَ فِيهِ } وفي وقوع ما فيه من الحساب والجزاء والسؤال والصراط والجنة والنار وسائر المعتقدات الأخروية { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } المجبولين على الكفران والنسيان { لاَ يَعْلَمُونَ } [ الجاثية : 26 ] وقوعه وقيامه ، بل ينكرون عليه لاعتيادهم بالأمور الحسية ، وقصورهم عن مدركات الكشف والشهود . { وَ } كيف ينكرون جمع الله عباده في النشأة الأخرى ؛ إذ { لِلَّهِ } المتوحد في الألوهية والربوبية { مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } وملكوتهما ، وله التصرف المطابق في ملكه وملكوته بالاستقلال ، إرادة واختياراً { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ } المعدة للحشر والجزاء { يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } [ الجاثية : 27 ] المنكرون حين يشهدون ربح المحقين المؤمنين بقيام الساعة ، وبحقية جميع ما فيها من الوعد والوعيد . { وَتَرَىٰ } أيها المعتبر الرائي حين تقوم الساعة ويحشر الناس إلى الحشر للحساب { كُلَّ أُمَّةٍ } من الأمم { جَاثِيَةً } أي : كل فرد من أفراد الأمم { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } بين يدي الله إلى صحيفة أعمالها التي كتب فيها جميع أحوالها وأفعالها الكائنة الحاصلة منها في النشأة الأولى ، فيقال لهم حينئذ : { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ } كل منكم { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجاثية : 28 ] في نشأتكم الأولى ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر . وبالجملة : { هَـٰذَا كِتَابُنَا } الذي فصلنا فيه أعمال كل منكم { يَنطِقُ عَلَيْكُم } وذكركم { بِٱلْحَقِّ } على الوجه الذي صدر عنكم بلا زيادة ولا نقصان { إِنَّا } بعدما كلفناكم على امتثال أوامرنا ، والاجتناب عما نهيناكم عنه { كُنَّا نَسْتَنسِخُ } ونأمر الملائكة الموكلين عليكم ، المراقبين لأحوالكم وأعمالكم أن يكتبوا جميع { مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ الجاثية : 29 ] أي : أعمالكم حسناتها وسيئاتها ، صغائرها وكبائرها .