Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 1-5)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ حـمۤ } [ الأحقاف : 1 ] يامن حمل أعباء الرسالة بحولنا وقوتنا ، ومال إلى جناب قدسنا بالميل الذاتي الحقيقي بعد مساعدة توفيقنا وجذب من جانبنا { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } الذي أنزل إليك لتأييد أمرك ، وضبط شرعك ودينك { مِنَ ٱللَّهِ } المطلع لما في استعدادات عباده { ٱلْعَزِيزِ } الغالب على جميع ما دخل في حيطة قدرته وإرادته { ٱلْحَكِيمِ } [ الأحقاف : 2 ] في مطلق تدابيره الصادرة منه لضبط مصالح عباده . ثم التفت سحبانه تهويلاً وتفخيماً لحكمه فقال : { مَا خَلَقْنَا } وأظهرنا من كتم العدم { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : آثار الأسماء والصفات الذاتية { وَٱلأَرْضَ } أي : عالم الاستعدادات القابلة لانعكاس أشعة أنواع الذات الفائضة عليها حسب الشئون والتطورات الجمالية والجلالية { وَمَا بَيْنَهُمَآ } من الآثار المتراكمة من امتزاج الفواعل الأسمائية من الآثار الناشئة من قوابل المسميات والهيولي { إِلاَّ بِٱلْحَقِّ } أي : خلقاً ملتبساً بالصدق المطابق للواقع { وَ } قدرنا بقاء ظهورها إلى { أَجَلٍ مُّسَمًّى } أي : وقت مقدر عندنا ، محفوظ في خزانة حضرة علمنا ولوح قضائنا لا نطلع أحداً عليه ، فإذا جاء الأجل المسمى انعدم الكل بلا تقدم وتأخر { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وأنكر كمال قدرتنا واقتدارنا على إيجاد الأشياء وإعدامها وإبدائها وإعادتها { عَمَّآ أُنذِرُواْ } من أهوال يوم القيامة المعدة لانعدام الكل وانقهار الأظلال الهالكة في شروق شمس الذات { مُعْرِضُونَ } [ الأحقاف : 3 ] لذلك لا يترددون له ، ولا يتهيئون أسبابه ، ولا يستعدون لحلوله . { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما أفرطوا في الإعراض عن الله وعن توحيده وأثبتوا له شركاء ظلماً وزوراً ، مستفهماً على سبيل الإلزام والتبكيت : { أَرَأَيْتُمْ } أي : أخبروني { مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } وتتخذون آلهة سواه وتعتقدونهم شركاء معه في الأرض { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ } أي : أي : شيء أوجدوا { مِنَ ٱلأَرْضِ } حتى اتصفوا بالخالقية واستحقوا بالمعبودية والربوبية ، وأخبروني هل تنحصر شركتهم مع الله بعالم العناصر والمسببات { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ } أيضاً { فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } وعالم الأسباب { ٱئْتُونِي بِكِتَابٍ } نازل من قبل الحق { مِّن قَبْلِ هَـٰذَآ } القرآن يؤمر فيه باتخاذ هؤلاء الهلكى آلهة سوى الله ، مستحقة بالعبادة { أَوْ أَثَارَةٍ } ائتوني ببقية { مِّنْ عِلْمٍ } دليل عقلي أو نقلي ، قد بقى لكم من أسلافكم ، يدل على إيثارهم واختيارهم آلهة شركاء معه سبحانه في ألهويته ، وبالجملة : ائتوني بسند صحيح أن { كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الأحقاف : 4 ] في دعوى الشركة مع الله المنزه عن التعدد مطلقاً . { وَ } بالجملة : { مَنْ أَضَلُّ } طريقاً وأسوأ سبيلاً وأشد سفها وحماقة { مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ } السميع العليم البصير الحكيم القدير الخبير ، المستقل في تصرفاته بالإرادة والاختيار { مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ } أي : أصناماً لا يسمع دعاءه ، ولا يجيب ولا يعلم بحاله ، ولا يدبر له أموره ، وإن دعاه وتضرع نحوه { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } أي : أبداً ما دامت الدنيا بل { وَهُمْ } أي : مبعوداتهم الباطلة { عَن دُعَآئِهِمْ } أي : عن دعاء عابديهم { غَافِلُونَ } [ الأحقاف : 5 ] ذاهلون ، لا شعور لهم حتى يفهموا أو يجيبوا .