Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 1-4)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم : مراعاة الأدب مع الله ورسوله ، فعليكم أن { لاَ تُقَدِّمُواْ } ولا تتقدموا في أمر من الأمور وحكم من الأحكام { بَيْنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } أي : لا تبادروا بإمضاء الأحكام ما لم تشاوروا بكتاب الله وسنة رسوله ولم تعرضوها عليهما { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } الغيور المطلع على ما في ضمائركم ونياتكم ، واحذروا عن المسابقة والمبادرة في الأقوال والأحكام بمقتضى أرائكم وأهوائكم { إِنَّ ٱللَّهَ } المراقب عليكم في عموم أحوالكم { سَمِيعٌ } لأقوالكم { عَلِيمٌ } [ الحجرات : 1 ] بنياتكم فيها . { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } من خصائص إيمانكم بالله وبرسوله أن { لاَ تَرْفَعُوۤاْ أَصْوَاتَكُمْ } وقت التكلم مع النبي صلى الله عليه وسلم { فَوْقَ صَوْتِ ٱلنَّبِيِّ } ولا تخلطوا أصواتكم مع صوته ، بل { وَ } عليكم أن { لاَ تَجْهَرُواْ لَهُ } صلى الله عليه وسلم { بِٱلْقَوْلِ } مطلقاً { كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ } إذ الجهر بالقول معه مخل لحرمته وتعظيمه ، وإنما نهاكم سبحانه عنه ؛ كراهة { أَن تَحْبَطَ } وتضيع { أَعْمَالُكُمْ } أي : الصالحات منها { وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } [ الحجرات : 2 ] إحباطها وضياعها . وبالجملة : { إِنَّ } المؤمنين المحسنين { ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ } ويحفظون { أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ } مراعاة لتعظيمه ، وحفظاً للأدب معه { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المقبولون ، هم { ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ } المجرب لإخلاص عباده { قُلُوبَهُمْ } التي هي وعاء الإخلاص والإيمان ليجعلها مقراً { لِلتَّقْوَىٰ } المثمرة لأنواع اللذات الروحانية { لَهُم مَّغْفِرَةٌ } ستر وعفو عن مقتضيات بشريتهم { وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } [ الحجرات : 3 ] هو تحققهم بمقام الرضا والتسليم . ثم قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة : { إِنَّ } المسرفين المسيئين { ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ } يا أكمل الرسل { مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ } حين كنت مستريحاً في خلوتك ، فارغاً همَّك عن مقتضيات النبوة ، متوجهاً إلى ربك حسب ولايتك { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ الحجرات : 4 ] ولا يفهمون منزلتك عند ربك ، ولا يتفطنون بخوتك معه واستغراقك بمطالعة وجهه الكريم ؛ إذ لو كان لهم عقل يوقظهم من مقام الغفلة ويرشدهم ألبتة إلى مراعاة الأدب معك يا أكمل الرسل .