Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 28-31)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أقسم هابيل بعدما أوعده قابيل القتل : والله { لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ } من إفراط غيظك وغضبك ، وشؤم إمارة نفسك { لِتَقْتُلَنِي } ظلماً بلا رخصة شرعية ، بل محض عناد ومكابرة { مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ } لدفع صولتك عن نفسي ، أو { لأَقْتُلَكَ } على مقتضى أمارتي { إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المائدة : 28 ] من تخريب ؛ لمجرد دفع الصائل ولا أخاف على نفسي من القتل ؛ إذا الشهداء المقتولون ظلماً أحياء عند ربهم يُرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله . { إِنِّيۤ } من غاية إشافقي وإعطافي معك يا أخي { أُرِيدُ أَن تَبُوءَ } أي : لأن تذهب وترجع إلى الله { بِإِثْمِي } أي : بإثمك المنسوب إلى قتلي { وَإِثْمِكَ } الذي كنت فيه { فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلنَّارِ } عند الله بهذا الظلم { وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ } [ المائدة : 29 ] عنده . { فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ } أي : هيَّجت حسده إلى أن طوعت ، وأرضت نفسه { قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ } ظلماً بلا مدافعة منه كما شرط ، فندم دفعة { فَأَصْبَحَ } وصار { مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ } [ المائدة : 30 ] خسارناً عظيماً في الدنيا والآخرة ، فتحيَّر في دفعه وإخفائه ، إذ لا يموت أحد من بني آدم إلى ذلك الوقت ، فحمله على عاتقه ، وسار معه إلى حين أروح وأنتن . { فَبَعَثَ ٱللَّهُ } إعلاماً له { غُرَاباً } فقتل غراباً من جنسه أراد أن يدفعه { يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ } بمنقاره ورجله { لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي } ويستر { سَوْءَةَ أَخِيهِ } أي : جثته وجسده التي يسوء { قَالَ } قابيل محتسراً ، متحزناً ، قلقاً ، حائراً : { يَاوَيْلَتَا } يا هلكتي أحضري { أَعَجَزْتُ } وعلزت عن مقتضى العقل ، وعن الاهتداء به إلى حيث { أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ } المتعزل عن العقل والإدراك ، بل متابعاً له ، متلمذاً منه { فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ } [ المائدة : 31 ] ندامة مؤبدة بحيث لا يضحك مدة حياته أصلاً وعاش مدة مائة سنة ، واسودَّ لونه إلى حيث لم يُعرف .