Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَبَّحَ للَّهِ } الواحد الأحد الصمد ، المستقل بالبقاء والقيومية ، المتفرد بالتحقق والثبوت على وجه الديمومية ، الحي الحقيق بالألوهية والربوبية ، مظاهر { مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } من الكوائن العلوية والسفلية ، الغيبية والشهادية ، ونزهه عن مطلق النقائص المنافية لصرافة وحدته الذاتية بعدما اعترفت ألسنة استعدادات الكل بربوبيته طوعاً ، واشتغلوا بلوازم عبوديته رغبةً { وَ } كيف لا يسبحونه ولا يعظمونه ، والحال أنه { هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب المقتدر على وجوه الإنعام والانتقام { ٱلْحَكِيمُ } [ الحديد : 1 ] المتقن في إيجادها وإظهارها على وفق الإرادة والاختيار ؟ ! { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي : مؤثرات الأسماء والصفات العلوية ، المعتبرة بالأعيان الثابتة ومتأثرات القوابل السفلية ، واستعدادات الطبائع والهيولى المنفعلة منها ؛ إذ هو سبحانه باستقلاله وتوحده { يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي : يتصرف فيها بالإحياء والإماتة ، والخلع واللبس حسب إرادته ومشيئته بالاختيار ، وبالجملة : { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } دخل في حيطة حضرة علمه ، ولوح قضائه { قَدِيرٌ } [ الحديد : 2 ] بالقدرة التامة الكاملة ، مع أنه لا يعزب عن حيطة علمه الحضوري ذرة مما لمع عليه برق وجوده الوحداني الفرداني . وكيف لا يقدر سبحانه على التصرف بالاستقلال والاختيار في ملكه وملكوته ؛ إذ { هُوَ ٱلأَوَّلُ } الأزلي السرمدي السابق في الوجود { وَٱلآخِرُ } الأبدي الدائم ، المستمر فيه بمقتضى الجود حق { وَٱلظَّاهِرُ } المتحقق في العيان { وَٱلْبَاطِنُ } المكنون في عموم الأكوان ، فانظر أيها المعتبر الناظر ، هل بقي لغيره وجود ولسواه عين وشهود ؟ ! { وَ } بالجملة : { هُوَ } بذاته { بِكُلِّ شَيْءٍ } ظهر من امتداد أظلاله وانعكاس أشعة نور وجوده { عَلِيمٌ } [ الحديد : 3 ] بذاته وحضوره ، غير مغيب عنه مطلقاً . ومن كمال علمه وإرادته ، ووفور حكمته وقدرته { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ } وقدر ظهور { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } المتطابعة المتعلقة { وَٱلأَرْضَ } المفترشة الممهدة { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } حسب الأقطار والجهات الست { ثُمَّ } بعدما كمل الكل { ٱسْتَوَىٰ } وتمكن { عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي : على عروش مطلق المظاهر بالاستيلاء التام ، والاستقلال الكامل ، بحيث { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ } ويدخل { فِي ٱلأَرْضِ } من الحبات أو في أراضي الاستعدادات ومن بذور المعارف والحقائق { وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } من أنواع النباتات أو المكاشفات والمشاهدات المترتبة على بذور المعارف ، والأعمال الصالحات { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ } أي : عالم الأسباب من الأمطار ، أو من سماء الأسماء من مياه العلوم اللدنية والإدراكات المحيية لأراضي الاستعدادات { وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } من الأبخرة والأدخنة ، أو الكلمات الطيبة الصاعدة الجالبة لفيضان اليقين والعرفان من المبدأ الفياض . { وَ } بالجملة : { هُوَ } سبحانه بذاته { مَعَكُمْ } أيتها المظاهر { أَيْنَ مَا كُنتُمْ } لا معية ذاتية ولا زمانية ، ولا بطريق المقارنة والمخالطة ، ولا بطريق الحلول والاتحاد ، بل بطريق الظهور والظلية ، والحضور ورش النور { وَ } بالجملة : { ٱللَّهُ } المحيط بكم ، المظهر لأشباحكم بمد ظله عليكم { بِمَا تَعْمَلُونَ } من مطلق الأعمال { بَصِيرٌ } [ الحديد : 4 ] فيجازيكم عليها على مقتضى بصارته وعلمه في يوم الجزاء .