Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 63, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِذَا جَآءَكَ } يا أكمل الرسل { ٱلْمُنَافِقُونَ } على سبيل الملاينة والخداع تغريراً لك ولمن تبعك من المؤمنين { قَالُواْ } مبالغين في إظهار الإيمان ، مؤكدين : { نَشْهَدُ } أي : نقر ونعترف عن صميم الفؤاد { إِنَّكَ لَرَسُولُ ٱللَّهِ } أرسلك الحق على الحق بالحق { وَ } بعدما أكدوا شهادتهم تأكيداً على تأكيد بالغوا أيضاً في التأكيد ؛ لتكميل التقرير والتنوير ، حيث قالوا : { ٱللَّهُ } المطلع على السرائر والخفايا { يَعْلَمُ } ويشهد { إِنَّكَ لَرَسُولُهُ } هم وإن بالغوا في شهادتهم الكاذبة على سبيل التزوير والتلبيس { وَٱللَّهُ } المطلع على ما في ضمائرهم من النفاق والشقاق { يَشْهَدُ } حتماً { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ } المصرِّين على ما هم عليه من الكفر والإنكار { لَكَاذِبُونَ } [ المنافقون : 1 ] في شهادتهم المزورة ، الصادرة منهم على وجه المبالغة والتأكيد . وبالجملة : { ٱتَّخَذُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ } المغلظة الحاصلة من شهادتهم المؤكدة بها { جُنَّةً } جعلوها وقاية لأموالهم وأنفسهم { فَصَدُّواْ } وصرفوا غزاة المسلمين ؛ بسبب ذلك الحلف الكاذب { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } الذي هو قتالهم وأسرهم ونهبهم ، وبالجملة : { إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ المنافقون : 2 ] من الصد والنفاق ، والإصرار على الشقاق . { ذَلِكَ } أي : اجتراؤهم على تلك الشهادة على وجه المراء والنفاق ، وإصرارهم على الكفر والشقاق { بِأَنَّهُمْ } أي : بسبب أنهم { آمَنُواّ } أولاً بالله وبرسوله ، وأقروا بألسنتهم ما ليس في قلوبهم على وجه النفاق صوناً لأموالهم وأنفسهم { ثُمَّ كَفَرُوا } بعدما آمنوا عن مكر المؤمنين { فَطُبِعَ } الكفر حينئذٍ { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } ورسخ فيها واستحكم ، وبعد الطبع والتمرن { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } [ المنافقون : 3 ] ولا يفهمون حقية الإيمان ولذته وصحبته ، ولا باطلية الكفر وفساده . { وَ } بالجملة : هم من غاية غفلتهم عن الله ، ونهاية عرائهم وخلوهم عن نور الإيمان { إِذَا رَأَيْتَهُمْ } يا أكمل الرسل { تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ } أي : سمتها وضخامتها { وَإِن يَقُولُواْ } أيضاً كلاماً { تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ } لفصاحتهم وحلاوة نظمهم ، إلاَّ أنهم لخلوهم عن العلم اللدني ، والرشد المعنوي ، والصفاء الفطري الذاتي الذي هو نفوذ أرباب المحبة والولاء { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ } يابسة فانية ، فاقدة للقابلية الفطرية { مُّسَنَّدَةٌ } على جدار الجهل والبلادة ، ومع ذلك { يَحْسَبُونَ } يظنون ويترقبون من شدة شكيمتهم وغيظهم مع المؤمنين { كُلَّ صَيْحَةٍ } واقعة { عَلَيْهِمْ } مسموعة لهم { هُمُ ٱلْعَدُوُّ } يصيح عليهم ؛ ليهلكهم . وبعدما صار بغضهم مع المؤمنين ، ومخافتهم من العدو بهذه الحثيثة { فَٱحْذَرْهُمْ } يا أكمل الرسل ، واترك مصاحبتهم ، واحترز من غيلتهم وطغيانهم ؛ إذ الخائف ربما يصول بلا سبب وداع عليهم ، وقل في شأنهم : { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } المنتقم الغيور { أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ المنافقون : 4 ] وكيف يصرفون وينحرفون عن الحق الصريح إلى الباطل الغير الصحيح ، مع أنه لا ضرورة تلجئهم إليه ؟ !