Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 1-7)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ تَبَارَكَ هُوَ } تعاظم وتعالى من كثرة الخيرات والبركات الملك الكامل { ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } وبقبضة قدرته جميع التدابير الجارية فيه على وجوه الصور والتقادير { وَ } كيف لا { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من متفرعات جود وجوده { قَدِيرٌ } [ الملك : 1 ] بالقدرة الشاملة ، والإرادة الكاملة ؟ ! { ٱلَّذِي خَلَقَ } وقدر { ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَاةَ } بمقتضى قهره ولطفه ، وأدارهما بينكم أيها المكلفون { لِيَبْلُوَكُمْ } ويختبركم { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } وأصوبه وأصلحه ، وأخلصه { وَ } إن لم تحسنوا العمل ، ولم تصلحوه بعدما أمركم سبحانه بالإخلاص والإصلاح فقد ينتقم عنكم سبحانه بمقتضى غيرته ؛ إذ { هُوَ ٱلْعَزِيزُ } الغالب القادر على وجوه الانتقام لمن خرج عن ربقة عبوديته { ٱلْغَفُورُ } [ الملك : 2 ] المقتدر على وجوه الإنعام للمحسنين المخلصين . وكيف لا ، هو { ٱلَّذِي خَلَقَ } أظهر وأوجد { سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } على عدد الصفات السبع الذاتية ، وجعلها { طِبَاقاً } متطابقة بعضها فوق بعض ، جوف بعض ، وجعل تطبيقاتها ونظمها على وجه أحكم ، ونظام أبلغ ، حيث { مَّا تَرَىٰ } أيها الرائي { فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ } المستوي على عروش الأكوان { مِن تَفَاوُتٍ } ينبئ عن عدم رعاية الحكمة والمصلحة فيه ، بل كلها على مقتضى الحكمة المتقنة البالغة ؟ ! فإن شككت أيها المعتبر الرائي فيها ؛ لقصور نظرك عن إحاطة ما فيها من الحكم والمصالح في بادئ الرأي { فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ } وتكرِّر النظر ، ثمَّ انظر { هَلْ تَرَىٰ } فيها { مِن فُطُورٍ } [ الملك : 3 ] خلل وشقوق وقعت فيها ، لا على مقتضى الحكمة والإحكام ؟ . { ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ } إن شئت وشككت { كَرَّتَيْنِ } مرتين أو مراراً كثيرة إلى حيث { يَنْقَلِبْ } ويرجع { إِلَيْكَ ٱلبَصَرُ } أي : بصرك { خَاسِئاً } خائباً بعيداً عن المطلوب الذي هو رؤية الفطور والقصور { وَهُوَ } أي : نظرك حين رجوعه إليك { حَسِيرٌ } [ الملك : 4 ] كليل كئيب من طول المعاودة ، وكثرة المراجعة بلا فائدة تترتب عليها ، وعائدة تفوز بها من إدراك الفطور والقصور . { وَ } من كمال قدرتنا ، ومتانة حكمتنا : { لَقَدْ زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا } أي : السماء المرئية من الدنيا { بِمَصَٰبِيحَ } أي : بكواكب كثيرة مضيئة ، منيرة في الليل كالسرج ، هي سبب رؤيتها ، وإلاَّ فلا ترى الأفلاك { وَ } من جملة اختباراتنا الواقعة بين عبادنا : إنَّا { جَعَلْنَٰهَا } أي : تلك المصابيح { رُجُوماً } أي : سبب ظنون وجهالات { لِّلشَّيَٰطِينِ } وهم المنجمون المرجفون الذين يرجمون بالغيب ، مستمسكين بها وبحركاتها وأوضاعها { وَ } بعدما أظللناهم بها في الدنيا { أَعْتَدْنَا لَهُمْ } في الآخرة { عَذَابَ ٱلسَّعِيرِ } [ الملك : 5 ] أي : النار المسعرة جزاء ما اجترءوا على الله بدعوى الإطلاع على المغيبات ، مع أنه من الخصائص الإلهية ، وما ذلك إلاَّ من كفرهم بالله ، واسقلاله في مطلق تصرفاته الواقعة في ملكه وملكوته . { وَلِلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ } وادَّعوا معه الشركة في أخص أوصافه ، وهو عالم الغيب { عَذَابُ جَهَنَّمَ } البعد والخذلان ، والطرد والحرمان { وَ } بالجملة : { بِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ الملك : 6 ] مصير أهل الكفر . ومأواهم من شدة أهوال جهنم وأفزاعها : إنهم { إِذَآ أُلْقُواْ فِيهَا } أي : قصدهم الزبانية ؛ لإلقائهم بالعنف والزجر المفرط { سَمِعُواْ لَهَا } أي : لجهنم { شَهِيقاً } صوتاً هائلاً مهولاً ، كصور الحمار { وَ } الحال أنه { هِيَ } أي : جهنم حينئذٍ { تَفُورُ } [ الملك : 7 ] وتغ لي غليان المرحل غيظاً وغضباً لأعداء الله .