Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 67, Ayat: 27-30)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعدما تحقق وقوعه ، وحل وقته { فَلَمَّا رَأَوْهُ } أي : العذاب الموعود في الآخرة { زُلْفَةً } قريباً منهم { سِيئَتْ وُجُوهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي : استودت وقبحت من شدة الكآبة والحزن المفرط { وَقِيلَ } لهم حينئذٍ من قِبَل الحق : { هَـٰذَا } العذاب هو العذاب { ٱلَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ } [ الملك : 27 ] تطلبون وتستعجلون وقوعه مراءً واستهزاءً على سبيل التهكم ، فالآن يلحقكم ما تنكرون به فيما مضى . { قُلْ } يا أكمل الرسل لمشركي مكة بعدما تطيروا بموتك ، وموت من معك من المؤمنين ؛ ليتخلصوا من شروركم : { أَرَأَيْتُمْ } أخبروني { إِنْ أَهْلَكَنِيَ ٱللَّهُ } العليم الحكيم بمقتضى قهره وجلاله { وَ } أهلك أيضاً { مَن مَّعِيَ } من المؤمنين { أَوْ رَحِمَنَا } بأن أخر آجالنا بمقتضى لطفه وجماله ، ونحن مؤمنون مخلصون له ، مقرّون بأنه الفاعل على الإطلاق بالإدارة والاختيار ، يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد { فَمَن يُجِيرُ } وينقذ { ٱلْكَافِرِينَ } المنكرين على الله وإرادته ، واختياره وألوهيته مطلقاً { مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الملك : 28 ] نازل عليهم من لدنه سبحانه بشؤم ما اقترفوا من الكفر والعصيان ، وأنواع الفسوق والطغيان ؟ ! { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل بعدما تمادى نزاعهم ، وتطاول جدالهم ، ولم تنفعهم الدعوة والتبليغ كلاماً خالياً عن وصمة المجادلة والمراء ، منبعثاً عن الحكمة والمصلحة : { هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ } المستعان المستوي على عروش الأكوان بكمال الاستيلاء والاستحقاق { آمَنَّا بِهِ } مخلصين مستوثقين بحبل كرمه ووجوده { وَعَلَيْهِ } لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية { تَوَكَّلْنَا } وفوَّضنا أمورمنا كلها بالعزيمة الخالصة الصادقة ، وأخذنا وكيلاً ، واعتقدناه حسيباً وكفيلاً { فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ الملك : 29 ] أنحن أم أنتم ؟ ! { قُلْ } يا أكمل الرسل للمنكرين بوجود الصانع الحكيم على سبيل التبكيت والإلزام : { أَرَأَيْتُمْ } أخبروني أيها المسرفون المكابرون { إِنْ أَصْبَحَ } أي : ظل وصار { مَآؤُكُمْ غَوْراً } غائراً إلى حيث لا يصل إليه السجال والدلاء بحبال وحيل { فَمَن يَأْتِيكُمْ بِمَآءٍ مَّعِينٍ } [ الملك : 30 ] جارٍ هامرٍ ، سهل المأخذ سوى الله رب العالمين ؟ . فكيف تنكرون وجوده ، مع أنكم مغمورون بسوابغ نعمه ، معترفون بسوابق كرمه ؟ ! خاتمة السورة عليك أيها المحمدي المستمسك بعروة الشريعة المصطفوية التي لا عروة أوثق منها ولا جادة أقوم وأعدل أن تتشبث بها ، وتعمل بمقتضاها ، متوكلاً على الرحمن المستعان ، مفوضاً أمورك كلها إليه على وجه الإيقان ، معرضاً عن جنود أمارتك ومقتضياتها ، مجاهداً معها ، مخاصماً إياها حتى تصير مطمئنة راضية بما جرى عليها من القضاء ، صابرة على ما أصابها من البلوى إلى أن صارت فانية عن هوياتها الباطلة باقية بهوية الحق وبقائه . جعلنا الله ممن فني فيه ، وبقي ببقائه بمنِّه وجوده .