Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 67, Ayat: 21-26)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ أَمَّنْ هَـٰذَا } الرازق المتكفل لأرزاقكم { ٱلَّذِي يَرْزُقُكُمْ } ويسوق إليكم ما يسد رمقكم { إِنْ أَمْسَكَ } سبحانه { رِزْقَهُ } بإمساك المطر ، وسائر الأسباب والآلات التي تتوسلون بها إلى أرزقاكم ، هل لكم متمسك تتمسكون به ، وتثقون عليه سواه سبحانه أصلاً ؟ ! كلا وحاشا ، ليس لكم إلاَّ هذا { بَل لَّجُّواْ } تمادوا وأصروا على اللجاج ، وصاروا دائماً { فِي عُتُوٍّ } لدد وعناد { وَنُفُورٍ } [ الملك : 21 ] عن الحق وقبوله تعنتاً واستكباراً . ثمَّ قال سبحانه مستفهماً على سبيل التوبيخ : { أَ } يعتقدون الآثار الظاهرة في الأقطار من الوسائل والأسباب ، ولم ينسبوها إلى المؤثر المسبب لها المختار ، وسلكتم في هذا الطريق بأنواع الإنكار والإصرار { فَمَن } أي : فهل من { يَمْشِي } ويمضي { مُكِبّاً } ساقطاً { عَلَىٰ وَجْهِهِ } لوعرة طريقه ، وظلمة سبيله { أَهْدَىٰ } إلى مقصده ، وأرشد إلى مطلوبه { أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً } مستقيماً سالماً عن التزلزل والسقوط ، راكباً { عَلَى } متن { صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الملك : 22 ] وطريق واضح بلا عثور وقصور ؟ ! مثَّل بهما سبحانه للمشرك المتشبث بالعقل ، المنعزل عن الرشد والهداية ، وللمؤمن المستمسك بالعروة الوثقى التي هي الشرع القويم الموصل إلى توحيد الحق . { قُلْ } يا أكمل الرسل لمن أنكر وحدة الحق ، واسقتلاله ف يمطلق التصرفات الواقعة في عالم الكون والفساد : { هُوَ } سبحانه القادر المقتدر { ٱلَّذِيۤ أَنشَأَكُمْ } وأظهركم من كتم العدم إنشاءً إبداعياً { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ } لتسمعوا به المواعظ ، والآثار والأخبار الصادرة عن أولي العزائم الصحيحة ، المجتازين نحو فضاء اللاهوت بانخلاعهم عن كسوة الناسوت مطلقاً { وَٱلأَبْصَارَ } لتنظروا بها في ملكوت السماوات والأرض فتعتبروا منها إلى مبدعها العليم الحكيم { وَٱلأَفْئِدَةَ } لتتفطنوا بها إلى عجائب حكمته ، وبدائع قدرته ؛ كي تنكشفوا بوحدته ، وتتشرفوا بوصلته ، لكن { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } [ الملك : 23 ] أي : الشاكرون الصارفون لهذه النعم العظام إلى ما خلقت لأجله ، قليل في غاية القلة . { قُلْ } يا أكمل الرسل لمن أنكر قدرتنا على الحشر والنشر ، والحساب والجزاء على جميع الأمور الواقعة في النشأة الأخرى { هُوَ } سبحانه العزيز الغالب ، ذو القدرة والاختبار { ٱلَّذِي ذَرَأَكُمْ } أي : بثكم وبسطكم بمقتضى قدرته { فِي ٱلأَرْضِ } التي هي محل الكون والفساد ، وكلفكم على الإيمان والأعمال ، واختبركم بالأوامر والنواهي { وَ } كما أبدعكم أولاً بامتداد أظلاله ، ورش نوره على مرآة العدم ، أعادكم أيضاً بقبض أضلاله وأنواره إلى ذاته ، فثبت أنكم { إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } [ الملك : 24 ] للجزاء ، فيجازيكم على مقتضى ما قترفتم من المأمورات الإلهية . { وَيَقُولُونَ } من كمال استبعادهم وإنكارهم : { مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ } الموعود الذي وعدتم الجزاء والحساب ، والثواب والعقاب فيه ، أخبرونا عن وقوعه في أيّ زمان ، وإن وقع ؟ { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ الملك : 25 ] يعنون : النبي والمؤمنين . { قُلْ } يا أكمل الرسل بعدما ألحوا عليك ، وألجئوك إلى التعيين : { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ } المتعلق لتعيين وقته { عِنْدَ ٱللَّهِ } لا يطلع عليه أحد من خلقه { وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ } بمقتضى الوحي الإلهي { مُّبِينٌ } [ الملك : 26 ] مظهر مبلغ ما يوحى إليّ من عنده على وجهه ، لا طريق لي بوقوع المعهود إلا الوحي ، ولم يوح إليَّ تعيينه ، فكيف أتكلم عنه ؟ ! فعليكم ألاَّ تستعجلوا وقوعه .