Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 16-24)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ } أي : انحلت التئامها وتضامُّها ، وتضعضعت بنيانها وأركانها { فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ } [ الحاقة : 16 ] ضعيفة منهدمة ، منحلة الأجزاء . { وَٱلْمَلَكُ } أي : جنس الملك ينزلون { عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } أقطارها وأنحائها بعدما كانوا في حافاتها وحوافها { وَ } بعد تخريب السماوات وانهدامها { يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ } يا أكمل الرسل { فَوْقَهُمْ } أي : فوق الملائكة النازلين على الأرجاء { يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ } [ الحاقة : 17 ] من الملائكة بعدما كانوا قبل ذلك أربعة ؛ إذ حملة العرش في النشأة الأولى أربعة ، وفي النشأة الأخرى ثمَّانية ، كما أشار إليه صلى الله عليه وسلم في الحديث ، كأنه أشار بالأربعة إلى أمهات الصفات الإلهية التي هي : الحياة ، والعلم ، والقدرة ، والإرادة ، وبالثمَّانية إلى مجموع الصفات الذاتيةز وبالجملة : { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ } أيها الأظلال الهالكة على الله عرض العسكر على السلطان ، بحيث { لاَ تَخْفَىٰ } وتستر { مِنكُمْ } في يوم العرض { خَافِيَةٌ } [ الحاقة : 18 ] سر مستور محجوب على الله ؛ حتى يكون العرش للإطلاع ، بل الكل في حضرة علمه حاضر غير مغيب ومخفي ، وإنما تعرضون ؛ ليظهر كمال القسط والعدالة الإلهية بالنسبة إلى عموم العباد حتى ظهر أن الحجة البالغة لله . ثمَّ فصَّل سبحانه أحوال العباد في الحساب والجزاء ، وإتيان صحف أعمالهم ؛ ليطالعوا فيها جميع ما اقترفوا في نشأة الاختبار ، فقال : { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ } لمن حوله فرحاً مسروراً : { هَآؤُمُ ٱقْرَءُواْ كِتَـٰبيَهْ } [ الحاقة : 19 ] أي : تعالوا اقرءوا كتابي . { إِنِّي ظَنَنتُ } في النشأة الأولى ظناً منتهياً إلى الجزم واليقين { أَنِّي } اليوم { مُلاَقٍ حِسَابِيَهْ } [ الحاقة : 20 ] على الوجه الأحسن ، وبواسطة إيقاني وجزمي ، كنت أخاف ألاَّ يصدر مني شيء أعاقب بسببه . { فَهُوَ } حينئذٍ { فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } [ الحاقة : 21 ] صاحبها عنها ؛ لكونها صافية عن مطلق الكدورات . { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ } [ الحاقة : 22 ] رفيعة مكاناً ومكانة . { قُطُوفُهَا } ثمَّارها { دَانِيَةٌ } [ الحاقة : 23 ] قريبة لمن ناولها ، مهما أراد تناولها ناولها بلا مشقة وتعب . ويقال لهم حينئذٍ : { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } من ثمَّار الجنة ومائها { هَنِيئَاً } سائغاً مريئاً ، كل ذلك { بِمَآ أَسْلَفْتُمْ } وقدمتم لأنفسكم من الأعمال الصالحة { فِي ٱلأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ } [ الحاقة : 24 ] الماضية في نشأة الاختبار ، فيصور لكم بهذه الصور البديعة في النشأة الأخرى .