Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 130-133)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أشار سبحانه إلى إهلاك عدوهم وإنجاز وعده على سبيل التدريج حيث قال : { وَلَقَدْ أَخَذْنَآ آلَ فِرْعَونَ بِٱلسِّنِينَ } أي : بعدما تعلق إرادتنا بأخذهم وإهلاكهم أخذناهم أولاً بالقحط وقلة الأقوات والغلات { وَنَقْصٍ مِّن ٱلثَّمَرَاتِ } التي يتفكهون بها { لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } [ الأعراف : 130 ] أي : يتذكرون أيام الرخاء ويتضرعون نحونا لإعادتها ويصدقون نبينا الذي أرسلنا إلأيهم لدعوتهم إلى توحيدنا . وهم من شدة قسوتهم وعمههم لا يتعظون بأمثال هذا ، بل { فَإِذَا جَآءَتْهُمُ ٱلْحَسَنَةُ } الخصب والرخاء وكل ما يسرهم ويفرع نفوسهم { قَالُواْ } مغالبين : { لَنَا هَـٰذِهِ } أي : لأجلنا وسعادة طالعنا ، ونحن مستحقون بها { وَإِن تُصِبْهُمْ } أحياناً { سَيِّئَةٌ } مشقة وعناء وما يشوشهم ويملهم { يَطَّيَّرُواْ } أي : يتطيروا ويتشاءموا { بِمُوسَىٰ وَمَن } آمن { مَّعَهُ } وقالوا : إنما عرض علينا هذا البلاء بشؤم هؤلاء { أَلاۤ } أي : تنبهوا أيها المتنبهون المتوجهون نحو الحق في السراء والضراء { إِنَّمَا طَائِرُهُمْ } أي : ما يتطيرون به ويتشاءمون بسبه { عِندَ ٱللَّهِ } وفي قبضة قدرته ومشيئته ؛ إذ له التصرف بالاستقلال في ملكه والقبض والبسط من عنده وبيده ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 131 ] فيرون الأسباب والوسائل في البين ويسندون الحوادث الكائنة إليها عناداً ومكابرة . { وَ } من شدة شكيمتهم وغيظهم وكمال قسوتهم وبغضهم { قَالُواْ } مستهزئين منهمكين { مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ } أي : أي شيء تحضرنا به ليغلب علينا من سحرك الذي سميته آية نازلة { لِّتَسْحَرَنَا بِهَا } فأت سريعاً إن استطعت { فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [ الأعراف : 132 ] أي : متى استبطأت وتأخرت . { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ } إمداداً لموسى وانتقاماً لهم { ٱلطُّوفَانَ } أي : الماء الذي طاف حولهم ودخل بيوتهم ووصل إلى تراقيهم ، ولم يدخل بيوت بني إسرائيل مع أنها متصلة ببيوتهم ولم يتضرروا - أي : بنو إسرئيل - من الماء أصلاً ، ثم لما تضرروا واضطربوا وكادوا أن يغرقوا ، تضرعوا إلى موسى وقالوا : ادع لنا ربك يكشف عنا فنؤمن بك ، فدعا فكشف عنهم ونبت من الزرع والكلأ ما لم يعهدوا ، فنكثوا عهدهم ، ونسبوا دعاءه إلى السحر { وَ } بعد أرسلنا عليهم { ٱلْجَرَادَ } فأكلت زروعهم وثمارهم ، وأخدت تأكل السقوف والأبواب والثياب ، فتضرعوا إلى موسى ، فدعا وانكشف وخرج إلى الصحراء مشيراً بعصاه نحو الجراد يمنة ويسرة ، فتفرقت إلى النواحي والأقطار فنكثوا . { وَ } أرسلنا بعدها { ٱلْقُمَّلَ } دوداً أصفر من الجراد ، قيل : إنها حدثت من الجراد ، فأخذت أيضاً تأكل ما بقي من الجراد وتقع في الأطعمة وتدخل بين أثوابهم فتمص دماءهم ، ففزعوا إليه فكشف عنهم ، فقالوا : علمنا الآن إنك ساحر عليم { وَ } بعد ذلك أرسلنا { ٱلضَّفَادِعَ } بحيث لا يخلو مكان منه ، و تبث إلى قدورهم وأوانيهم وأفواههم حين تكلموا ، ففزعوا نحوه معاهدين ، فخلصوا بدعائه ثم نقصوا { وَ } بعد ذلك أرسلنا { ٱلدَّمَ } حيث صار المياه كلها عليهم دماءً حتى كان القبطي والإسرائيلي يجتمعنا على إناء فيصير ما يلي القبطي دماً وما يلي السبطي ماء ، ويمص القبطي ماء من فم السبطي فيصير دماً . وإنما أرسلت عليهم هذه البليات لتكون { آيَاتٍ } آي : دلائل وعلامات دالة على كمال قدرتنا { مُّفَصَّلاَتٍ } مبينات واضحات مميزات بين الهداية والضلالة والحق والباطل والرشد والغي { فَٱسْتَكْبَرُواْ } عنها مع وضوحها وسطوعها وأعرضوا عن مدلولاتها وأصروا على ما هم عليها { وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [ الأعراف : 133 ] مستحقين بالعذاب والعقاب ، فلم ينفعهم الآيات والنذر ؛ لخبث طينتهم ورداءة فطرتهم .