Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 179-182)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ قال سبحانه : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا } أوجدنا وأظهرنا { لِجَهَنَّمَ } البعد والخذلان ونيران الإمكان والحرمان { كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ } مع أن { لَهُمْ قُلُوبٌ } هي مناط التكاليف ومحال الإيمان والإيقان ، وهم { لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا } ليحصل لهم مرتبة اليقين العلمي واللدني { وَلَهُمْ } أيضاً { أَعْيُنٌ } هي سبب مشاهدة الآثار والاستدلال منها على الأوصاف الموجدة لها ، المرتبة على الذات الإلهي ، وهم { لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا } ليحصل لهم مرتبة اليقين العيني . { وَلَهُمْ } أيضاً { آذَانٌ } وهي آلات السماع كلمة الحق ووسائق إلى اكتساب الفاضائل المنبهة على ما في نفوسهم من الأسرار المكنونة الإلهية ، وهم { لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ } ليحصل لهم الترقي إلى مرتبة اليقين العيني إلى اليقين الحقي ، وبالجملة : { أُوْلَـٰئِكَ } الحمقاء الجهلاء ، المتصفون بأوصاف العقلاء ، العرفاء { كَٱلأَنْعَامِ } في عدم الشعور والتنبه { بَلْ هُمْ } بسبب تضييع استعدادهم { أَضَلُّ } من الأنعام بمراتب ، وبالجملة : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } [ الأعراف : 179 ] المقصرون على الغفلة المؤبدة ، المتناهون فيها أقصى الغاية . { وَ } اعلموا أيها الفضلاء العرفاء ، الموحدون أن { للَّهِ } المتوحد المتفرد في ذاته { ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ } التي تترتب عليها الصفات العليا ، المترتبة عليها الآثار الحادثة في عالم الكون والفساد ، والشهادة والغيب ، والنشأة الأولى والأخرى { فَٱدْعُوهُ } سبحانه أيها الموحدون { بِهَا } وأسندوا الحوادث الكائنة إليها أولاً وبالذات { وَذَرُواْ } أي : دعوا واتركوا أقوال { ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ } يميلون ويشركون { فِيۤ أَسْمَآئِهِ } بنسبة الحوادث إلى الأسباب أولاً وباللذات ، واهجروا مذاهبهم ، واعتزلوا عنه وعن مجالستهم ، واعلموا أن كل أحد { سَيُجْزَوْنَ } على مقتضى { مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأعراف : 180 ] إن خيراً فخير وإن شراً فشر . ثمَّ قال سبحانه كلاماً كلياً ، جملياً شاملاً على جميع الملل والأديان ، فقال : { وَمِمَّنْ خَلَقْنَآ } أظهرناهم على صورتنا { أُمَّةٌ } مستخلفة عناهم { يَهْدُونَ } الناس إلينا ، ملتبسين { بِٱلْحَقِّ } المطابق للواقع { وَبِهِ } أي : بالحق لا بغيره ؛ إذ لا غير { يَعْدِلُونَ } [ الأعراف : 181 ] يقسطون وينصفون في الأحكام . { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا } الدالة على توحيدنا ، المنزلة على رسلنا { سَنَسْتَدْرِجُهُمْ } سنستضلهم ونستزلهم قليلاً قليلا إلى أن نهلكهم بالمرة ، وندخلهم في جنهم البعد وسعير الإمكان { مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 182 ] ولا يفهمون كيف وقعوا فيها .