Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 57-58)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } كيف لا يكون رحمته قريبة من المؤمنين المحسنين { هُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ } أي : يثيرها { بُشْراً } مبشرات { بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } قدام روحه ورحمته { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ } حملت وأثقلت وجمعت من البخارات المتراكمة { سَحَاباً } غليظاً { ثِقَالاً } بالأجزاء المائية { سُقْنَاهُ } من غاية لطفنا { لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } يابس لأجل إحيائه ونضارته { فَأَنْزَلْنَا بِهِ } أي : بالبلد الميت { ٱلْمَآءَ } المحيي { فَأَخْرَجْنَا بِهِ } أي : بالماء { مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } أي : أنواعها وأجناسها المختلفة بالألوان والطعوم { كَذٰلِكَ } أي : مثل إخراجنا بالماء الصوري أنواع الثمرات من البلد الميت ، نخرج بالماء المعنوي الذي هو العلم اللدني من أراضي القابليات واستعدادات الموتى المحجوبين بالحجاب الظلماني والجهل الجبلي الهيولاني ، بإرسال رياح أنفاس الأنبياء والأولياء المستنشقة من النفس الرحماني ، مبشرات بالكشوف والمشاهدات حتى إذا اجتمعت صارت سحاباً شرعياً ثقيلاً بمياه الحكمة والتقوى ، سقناه من غاية جودنا إلى بلاد النفوس الميتة اليابسة ، فأجرينا فيها أنهار المعارف والحقائق المنتشئة من قلوب الأنبياء والأولياء ، فأخرجنا به ثمرات اليقين العلمي والعيني والحقي { نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } في النشأة الأخرى { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ الأعراف : 57 ] فتعرفون قدرتنا على جميع مقدوراتنا ومراداتنا . { وَ } بعد سوقنا مياه جودنا إلى أموات { ٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ } الذي هو نجيب المنبت ، لطيف الطينة ، قابل التربية { يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } أي : بتوفيقه سبحانه وتربيته جيداً نافعاً كثيراً على مقتضى استعداده الفطري { وَ } البلد { ٱلَّذِي خَبُثَ } طينته وقل قابليته كالحرة والسبخة { لاَ يَخْرُجُ } نباته بد إجراء المياه اللطيفة عليه { إِلاَّ نَكِداً } قليلاً غير نافع ، بل ضار كالنفوس المنهمكة في الغفلة والضلال إلى حيث لا يؤثر فيها مياه الحكم والمعارف الجارية على ألسنة الرسل ؛ لخباثة طينتها وقلة قابليتها { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ } نردد ونكرر { ٱلآيَاتِ } الدالة على استقلالنا في ملكنا وملكوتنا { لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } [ الأعراف : 58 ] نعمتنا ويتفكرون في آلائنا ، ويعتبرون بها إلى أن يستغرقوا في مطالعة جمالنا .