Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 59-64)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أشار سبحانه إلى تفاوت الاستعدادات واختلاف القالبليات بتفصيل الأمم الهالكة بموت العناد والجهل لخبث طينتهم ، فقال مقسماً : والله { لَقَدْ أَرْسَلْنَا } رسولنا { نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } بعدما انصروا وانحرفو عن طريق الحق بالميل إلى الأهواء الباطلة والآراء الفاسدة { فَقَالَ } لهم نوح إمحاضاً للنصح على وجه الشفقة : { يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ } أيها المنهمكون في الغفلة { ٱللَّهَ } المتوحد في الألوهية ، المتفرد في الربوبية ، المستحق للعبودية ، واعلموا أنه { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ } معبود بحق { غَيْرُهُ } يقذكم من عذابه ، وإن لم تعبدوه وتوحدوه { إِنِّيۤ } بعدما أوحي إليَّ من عنده إهداءكم وتنبيهكم إلى توحيده { أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ الأعراف : 59 ] هو يوم الطوفان في النشأة الأولى ويوم القيامة في النشأة الأخرى . وبعدما سمعوا مقالته { قَالَ ٱلْمَلأُ } الأشراف { مِن قَوْمِهِ } : يا نوح { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ الأعراف : 60 ] ظاهر لائح ، تأمرنا بترك عبادة الآلهة المحققة وتدعوناإلى إله واحد موهوم وأبدعته من عند نفسك . { قَالَ } أيضاً على مقتضى شفقة النبوة لعلهم يتنبهوا : { يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ } كما تخليتم من جهلكم { وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ } هادٍ لكم مرسل { مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } [ الأعراف : 61 ] الذي أوجدكم ورباكم بأنواع التربية ؛ حتى تعترفوا بربوبيته وتقروا بتوحيده . وإنما جئت لكم { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ } بآياته سبحانه ؛ حتى تفوزوا من عنده بالمثوبة العظمى والمرتبة العليا بإهدائي وإرشادي { وَ } لا تضعفوني ولا تنسبوني إلى الجهل والسفه ، إني { أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ } بتوفيقه وحيه وجذب من جانبه { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 62 ] . { أَوَ عَجِبْتُمْ } من { أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ } موعظة وتذكير لإرشادكم { مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ } لسان { رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ } به عن الكفر والمعاصي ووخامة عاقبتهما { وَلِتَتَّقُواْ } عن محارم الله بسبب إنذاره وتخويفه { وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الأعراف : 63 ] بإثبات مأموراته وترك منهياته ؛ عناية وتفضلاً . { فَكَذَّبُوهُ } بعدما ضعفوه ونسبوه إلى الضلال ، فانتقمنا منهم وأخذناهم بالطوفان { فَأَنجَيْنَاهُ وَ } المؤمنين { ٱلَّذِينَ مَعَهُ } حال كونهم متمكنين { فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } المنزلة على رسولنا { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } [ الأعراف : 64 ] غير مستبصرين بآيات الله الدالة على توحيده ؛ لعمي قلوبهم وفسادهم وعمههم في الغفلة الضلال .