Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 72, Ayat: 23-28)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِلاَّ بَلاَغاً } وتبليغاً { مِّنَ ٱللَّهِ } ما أوحى إليَّ { وَ } سوى أداء { رِسَالاَتِهِ } التي أرسلني بها ، وما لي سوى الإبلاغ والتبليغ { وَ } من جملة ما أُوحي ليَّ : إنه { مَن يَعْصِ ٱللَّهَ } ويعرض عنه وعن عبادته من عباده { وَ } لم يصدق { رَسُولَهُ } المستخلف منه ، القائم بأمره { فَإِنَّ لَهُ } أي : حق وثبت له { نَارَ جَهَنَّمَ } في النشأة الأخرى ، وبالجملة : صار العاصون المعرضون { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } [ الجن : 23 ] لا نجاة لهم منها أصلاً . وهم لا يزالون لى عصيانهم بالله ، مستظهرين بما معهم من الجاه والثروة ، وكثرة الأموال والأولاد في نشأتهم الأولى { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } في النشأة الأخرى { فَسَيَعْلَمُونَ } حينئذٍ { مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } [ الجن : 24 ] النبي وأتباعه ، أم المشركون ومن معهم ؟ . وبعدما سمع المشركون : { إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ } قالوا على سبيل الإنكار الاستبعاد : متى يكون ؟ فقيل من قِبَل الحق : { قُلْ } يا أكمل الرسل : إنه كائن لا محالة ، لكن وقته مفوض إلى علم الله { إِنْ أَدْرِيۤ } أي : ما أعلم { أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ } أي : وقوعه وقيامه { أَمْ يَجْعَلُ لَهُ } ولوقوعه { رَبِّيۤ أَمَداً } [ الجن : 25 ] بعيداً ، وأجلاً طويلاً ؛ إذ هو من جملة الغيوب التي استأثر الله بها ؟ . إذ هو { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ } حسب حكمته { فَلاَ يُظْهِرُ } ولا يطلع { عَلَىٰ غَيْبِهِ } المختص به { أَحَداً } [ الجن : 26 ] من خلقه . { إِلاَّ } أي : يطلع من بعض غيوبه على { مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ } مأمور على غيبه ، له قابلية الخلافة والنيابة عنه سبحانه { فَإِنَّهُ } يطلعه من غيبه على سبيل الوحي والإلهام حين { يَسْلُكُ } ويوكل سبحانه ؛ لحفظه وحراسته { مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } أي : بين يدي المرتضى { وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } [ الجن : 27 ] حراساً من الملائكة يحرسونه من استراق الشياطين ، واختطافهم وتخليطهم . وإنما فعل كذللك عند إطلاعه ووحيه إلى رسوله { لِّيَعْلَمَ } الرسول الموحى إليه { أَن } أي : إنه { قَدْ أَبْلَغُواْ } أي : حاملو الوحي مطلقاً { رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ } على وجهها مصونة محروسة عن اختطاف الشياطين ، وتخليطاتهم المغيرة لها { وَ } الحال إنه سبحانه قد { أَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } أي : لدى لارسل والملائكة جميعاً علماً وحضوراً ، بل { وَ } قد { أَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ } دخل في حيطة الوجود { عَدَداً } [ الجن : 28 ] بحيث لاي يعزب عن حيطة علمه وإحاطته شيء مما لمع عليه برق الوجود . خاتمة السورة عليك أيها المحقق المنكشف بإحاطة العلم الإلهي ولوح قضائه ، وقلم تصويره وتخطيطه أن تعتقد وتذعن أن عمومم ما رجى في ملكه وملكوته إنما هو بأمره ووحيه ، ونفوذ قضائه ومضاء حكمه على حسب الحضور ، بحيث يجتمع عند حضوره الأزل والأبد ، والأولى والأخرى ، والغيب والشهادة ؛ إذ لا انقضاء دونه ، ولا انصرام ولا تجدد لديه ، ولا انخرام ، بل الكل بالنسبة إلى قدرته وإرادته على سواء بلا تفاوت وتخالف . جعلنا الله من المنكشفين بحضور الحق وشهوده ، مع كل شيء ودونه بمنِّه وجوده .