Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 60-63)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَعِدُّواْ } أيها المؤمنون { لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } أي : هيئوا لقتالهم من الآلات والأسباب ما يحتاجون في حرابهم ، سيما آلات الرمي { وَمِن } جملة العدة : { رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ } أي : شد الفرس وارتياضه ليوم الحرب ما يفعله ويشده الأبطال المتشوقون إلى القتال { تُرْهِبُونَ بِهِ } أي : بالأعداد والشد { عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } وهم الذي في حواليكم يقاتلونكم ، ويخاصمون معكم جهرةً وعلانيةً ؛ يعني : كفار مكة . { وَ } ترهبون به أيضاً { آخَرِينَ مِن دُونِهِمْ } يعني : الذين ينفاقون معكم ويظهرون إطاعتكم وإخاءكم ظاهراً ، ويريدون إهلاككم ومقتكم في بواطنهم { لاَ تَعْلَمُونَهُمُ } أي : عداوتهم ؛ لإخفائهم وإظهارهم صدقاتكم { ٱللَّهُ } المطلع لضمائرهم { يَعْلَمُهُمْ } ويعلم عداوتهم ونفاقهم ، ويجازيهم عليها { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ } للأعداء والتجهيز { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ونصر دينه ، وإعلاء كلمة توحيده { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } جزاؤه بأضعاف ما تصرفون وآلافه { وَأَنْتُمْ } في إنفاقكم وإعدادكم { لاَ تُظْلَمُونَ } [ الأنفال : 60 ] أي : لا تنقصون من جزائه ولا تخسرون ، بل تربحون وتفوزون بما ترضى به نفوسكم ، وبما لا تدركه عقولكم من الكرامة تفضلاً وامتناناً . { وَ } بعدما أعددتم عددكم ، وهيأتم أسباب الحرب { إِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ } أي : مال أعداؤكم للمصالحة والمعاهدة { فَٱجْنَحْ لَهَا } أي : مل وأرض أيها الداعي للخلق إلى الحق تلييناً لهم وتلطيفاً معهم على مقتضى مرتبة النبوة والتكميل { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ } في جميع أمورك وثق به سبحانه ، ولا تخف من مكرهم وخداعهم ، فإن الله حسبك وظهيرك يحفظك من مكرهم وغدرهم { إِنَّهُ } بذاته { هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لأقوالهم { ٱلْعَلِيمُ } [ الأنفال : 61 ] بنياتهم وأعمالهم . { وَإِن يُرِيدُوۤاْ } بعدما صالحوا وعاهدوا { أَن يَخْدَعُوكَ } ويمكروا بك وبأصحابك فلا تبالوا بهم وبغدرهم وخداعهم { فَإِنَّ حَسْبَكَ } أي : كافيك وظهيرك ، ومولى جميع أمورك { ٱللَّهُ } الرقيب عليك في جميع حالاتك ، كيف لا يرقبك من مكرهم { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَيَّدَكَ } وقواك ، وأظفرك عليهم { بِنَصْرِهِ } بلا أعداء ورباط خيل { وَ } بعد تأييدك بنصره أيدك أيضاً { بِٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأنفال : 62 ] بإيمانهم وإطاعتهمن لك ، وبذل مالهم ومهجهم لتقويتك وإعلاء دينك . { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } بحيث ارتفع غشاوة الحمية وحجب العصب عن ضمائرهم مطلقاً ، وصاروا في محبتك ومودتك مستوية الأقدام ، متحابين لله ، منخلعين عن لوازم البشرية مطلقاً ، مع كونهم في جاهليتهم على التغالب والتهالك بمقتضى الحمية الجاهلية والغيرة البشرية بحيث { لَوْ أَنفَقْتَ } وصرفت { مَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } لائتلافهم واجتماعهم { مَّآ أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ } لشدة بغضهم ونفاقهم { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ } المحول لأحال عباده { أَلَّفَ بَيْنَهُمْ } بمقتضى لطفه وجماله ؛ لينصروك ويقبلوا دينك ، ويصلوا إلى مرتبة اليقين والعرفان ، ويتحققوا في مقر التوحيد { إِنَّهُ عَزِيزٌ } غالب على جميع مراداته ومقدوراته { حَكِيمٌ } [ الأنفال : 63 ] متقن في جميع أفعاله ، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد .