Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-9)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَيْلٌ } عظيم ، وعذاب أليم { لِّلْمُطَفِّفِينَ } [ المطففين : 1 ] الذين ينقصون المكيال والميزان ، ويبخسون حقوق الناس ، سمَّاهم سبحانه مطففين ؛ لأنهم يسرقون من الحقوق طفيفاً حقيراً على جه الدناءة والخساسة ، وهو لمن أخس الأفعال الذميمة ، وأدناها وأخبثها . في الحديث - صلوات الله وسلامه على قائله : " ما نقص العهد قوم إلاَّ سلَّط الله عليهم عدوهم ، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلاَّ فشا فيهم الفقر ، وما ظهرت فيهم الفاحشة إلاَّ فشا فيهم الموت ، ولا طففوا الكيل إلاَّ منعوا الثبات ، وأخذوا بالسنين ، ولا منعوا الزكاة إلاَّ حبس عليهم الفطر " ، وهم { ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ } أي : أخذوا منهم لأنفسهم { يَسْتَوْفُونَ } [ المطففين : 2 ] ويزيدون على المكيال قليلاً قليلاً ترجيحاً لأنفسهم عليهم . { وَإِذَا كَالُوهُمْ } أي : للناس { أَوْ وَّزَنُوهُمْ } لأجلهم { يُخْسِرُونَ } [ المطففين : 3 ] يُنقصون منه قليلاً قليلاً ترجيحاً لغبطتهم عليهم ، مع أن الكيل والوزن إنما هو للتسوية والتعديل . ثمَّ قال سبحانه على وجه التعجب والتشنيع : { أَلا يَظُنُّ } بل يستقين { أُوْلَـٰئِكَ } المسرفون المفرطون بارتكاب هذه الخصلة الذميمة { أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ } [ المطففين : 4 ] ؟ ! { لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } [ المطففين : 5 ] لعظم ما فيه من الشدائد والأهوال ، وأنواع الأفزاع والأحزان ، سيما على أهل العصيان ؛ إذ يفتضحون على رءوس الأشهاد . { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ } بأجمعهم ؛ لأجل العرض { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المطففين : 6 ] ليحكم عليهم سبحانه على مقتضى السؤال والحساب ، إمَّا بالجنة وإمَّا بالنار . ثمَّ قال سبحانه : { كَلاَّ } ردعاً للمطفيين بفجورهم ، وخروجهم عن مقتضى العدالة الإلهية الموضوعة فيما بينهم بالقسط ؛ يعني : كيف يخرجون على مقتضاها { إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ } أي : ثبت فيه تفاصيل أعمالهم وأفعالهم ، وأخلاقهم وأطوارهم المذمومة كلها مضبوطة محفوظة فيه ، محكوم عليهم من قِبَل الحق بمقتضى ما في كتبهم أنهم { لَفِي سِجِّينٍ } [ المطففين : 7 ] أي : مقرهم في الدرك الأسفل من النار ؟ ! ثمَّ أبهمه سبحانه تهويلاً وتفخيماً فقال : { وَمَآ أَدْرَاكَ } أيها المسرف المفرط { مَا سِجِّينٌ } [ المطففين : 8 ] ما لم تقع فيه ، ولم تذق من عذابه ونكاله ؟ ! وبالجملة : كتاب الفجار { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [ المطففين : 9 ] مسطور بين الرقوم والرسوم ، يعرفه من نظر إليه ألاَّ خير فيه ، ولا نفع في ضمنه ، بل إنما هو مشعر بأنواع العذاب والعقاب .