Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 85, Ayat: 1-9)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلسَّمَآءِ } أي : وحق سماء الأسماء والصفات المتشعشعة المتجلية في عالم اللاهوت { ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } [ البروج : 1 ] من النفوس القدسية القابلة لانعكاسها وتشعشعها ، المستعدة لفيضان أنوارها الذاتية . 1 - 9 والانكشاف التام المنعكس عن عالم العماء عند ارتفاع سدل الأسماء والصفات عن البين . { وَ } اتحاد { شَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } [ البروج : 3 ] في العين ، إنكم أيها المحجوبون عن الله ، المطرودون عن ساحة عز حضوره ، المعلونون مردودون عن كنف قربه وجواره ، يعني : كفار مكة - لعنهم الله - لأن السورة نازلة في تثبيت المؤمنين على أذاهم . كما { قُتِلَ } ولُعن { أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } [ البروج : 4 ] الخد : الشق في الأرض وغيرها . رُوي أنه كان لملك ساحر فكبر ، فضم إليه غلاماً ؛ ليعلمه ، وكان في طريق الغلام را هب يستمع منه كلاماً ، فرأى في طريقه يوماً حية حبست الناس ، فأخذ الغلام حجراً فقال : اللهم إن كان الراهب أحب إليك من الساحر فاقتلها ، فقتلها ، وكان بعد ذلك يبرئ الأكمه والأبرص ، ويشفي المريض ، فعمي جليس للملك ، فابرأه ، فأسلم ، فسأله الملك : من أبرأك ؟ فقال : ربي . فغضب الملك عليه ، فعذبه فدل على الغلام ، فعذبه فدل على الراهب ، فقده بالمنشار ، وذهب بالغلام إلى جبل ؛ ليُطرح من أعلاه ، فرجف بالقوم ، فطاحوا ونجا الغلام ، فذهب به إلى سفينة ؛ ليغرق ، فكفأت السفينة بمن معه ونجا . وقال الغلام للملك : لست بقاتلي حتى تأخذ سهماً من كنانتي ، وتقول : بسم الله رب الغلام ، ثمَّ ترميني به ، فرماه فقال : بسم الله رب الغلام ، فأصاب صدغه ، فوضع عليه يده فمات ، فآمن الناس . وقيل للملك : نزل بك ما كنت تحذر ، فأمر بحفر أخاديد ، فأوقدت فيها النيران ، فمن لم يرجع منهم طرحه فيها حتى جات امرأة مع صبي رضيع ، فتقاعست فقال الرضع بإلهام الله إياه ، مع أنه في غير أوان تكلمه ، مثل عيسى النبي - صلوت الله عليه - : يا أماه اصبري ، فإنك على الحق ، فأقتُحمت في { ٱلنَّارِ } بدل من لفظه : الأخدود ، بدل الاشتمال { ذَاتِ ٱلْوَقُودِ } [ البروج : 5 ] والحطب الكثير تهويلاً عليهم بشدة التهابها وسورتها ؛ لينزجروا عما اختاروا ، ويعودوا عن الإسلام والتوحيد . ثمَّ لمَّا طُرح المؤمنون فيها التهبت النار التهاباً شديداً ، وخرجت على أطرافها فأحرقت كثيراً من صناديد أولئك الظلمة { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا } وفي أطرافها { قُعُودٌ } [ البروج : 6 ] قاعدون على الكراسي حول النار . { وَهُمْ } أي : رؤساؤهم { عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ } أي : الموكلون { بِٱلْمُؤْمِنِينَ } من الأخذ والإفناء { شُهُودٌ } [ البروج : 7 ] عدول مشرفون من قِبَل الملك ، أمناء من جانبه ، أقعدهم حولها ؛ لئلا يتهاون الأعونة في إهلاك المؤمنين ، وطرحهم في النار . { وَ } بالجملة : { مَا نَقَمُواْ } وانتقموا أولئك الظالمون المنهمكون في بحر الغي والعدوان { مِنْهُمْ } أي : من المؤمنين بهذا الانتقام الصعب الهائل { إِلاَّ } أنهم كرهوا منهم ، واستكرهوا عليهم { أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد ، الحي القوم ، الحقيق بالإيمان والإطاعة { ٱلْعَزِيزِ } الغالب القاهر على من دونه من السّوى والأغيار مطلقاً { ٱلْحَمِيدِ } [ البروج : 8 ] المستحق لأصناف الأثنية والمحامد استحقاقاً ذاتياً ووصفياً . وكيف لا يكون سبحانه عزيزاً حميداً ، مع أنه القادر { ٱلَّذِي لَهُ } وفي حيطة قدرته وإرادته { مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } أي : مظاهر العلويات والسفليات ، وما بينهما من الممتزجات ؟ ! { وَ } كيف لا ، هو { ٱللَّهُ } المستقل بالألوهية والوجود { عَلَى كُلِّ شَيْءٍ } لمع عليه برق وجوده { شَهِيدٌ } [ البروج : 9 ] حاضر غير مغيب ؟ !