Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 1-3)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ لمَّا كان المشركون المصرون على شركهم من أعدى الأعادي ، وأشدهم غيظاً مع الله ورسوله ، وكان عهودهم ومواثيقهم غير معول عليها في علم الله ، تبرأ سبحانه منهم وأمر رسوله أيضاً بالتبري عنهم وعن عهودهم ومواثيقهم ، فقال : { بَرَآءَةٌ } المطلع على مخايل أهل الشرك أصالة { وَ } من { رَسُولِهِ } لتنبذوا وتطرحوا عهودكم ومواثيقكم { إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي : هذه براءة ونقض عهد وإسقاط ذمة ، ورفع أمان كان بينكم أيها المؤمنون وبين المشركين ، نزلت إليكم { مِّنَ ٱللَّهِ } [ التوبة : 1 ] . وعليكم ألاَّ تبادروا ولا تفاجئوا إلى المقاتلة بعد نبذ العهد ، بل أمهلوهم وقولا لهم : { فَسِيحُواْ } أي : سيروا أيها المسرفون { فِي ٱلأَرْضِ } أي : في أرضنا هذه آمنين بلا خوف { أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } قيل : هي عشرون من ذي الحجة وتمام المحرم والصفر ، وربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ، واستعدوا في تلك المدة وهيئوا أسباب القتال فيها { وَٱعْلَمُوۤاْ } أيها المصرون على الشرك يقيناً ، وإن زعمتم غلبتكم علينا بمظاهرة إخوانكم واستعانة قبائلكم وعشائركم { أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ } أي : لستم غالبين على الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء ، المتفرد بالمجد والبهاء { وَ } اعلموا أيضاً { أَنَّ ٱللَّهَ } المنتقم من عصاة عباده { مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ } [ التوبة : 2 ] أي : مهينهم ومذلهم وإن أمهلهم زماناً بطريق على تجبرهم وتكبرهم . { وَ } هذه أيضاً { أَذَانٌ } إعلام وتشييع ، ونداء صدر عنه { مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ } بإذنه { إِلَى ٱلنَّاسِ } المجتمعين من أقصى البلاد { يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ } لأن وقوف يوم عرفة كان يوم الجمعة ؛ لذلك سمي به { أَنَّ ٱللَّهَ } أي : بأن الله المتعزز بالعظمة والكبرياء { بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } أي : من عهودهم ومواثيقهم ، لا يؤمنهم بعد عامكم هذا { وَرَسُولُهُ } أيضاً مأمور من عنده بالبراءة ونقض العهد وإسقاط الذمة ، ويعد اليوم ارتفعت الهدنة وصار الأمر الأمر إما بالسيق وإما الإسلام . { فَإِن تُبْتُمْ } ورجعتم عمَّا أنتم عليه من الكفر والشرك إلى الإيمان والتوحيد { فَهُوَ } أي : إيمانكم ورجوعكم { خَيْرٌ لَّكُمْ } في أولاكم وأخراكم { وَإِن تَوَلَّيْتُمْ } وأعرضتم عن الإسلام والإيمان ، وأصررتم على الشرك والطغيان { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ } أي : لستم غالبين على جنوده { وَ } بالجملة : { بَشِّرِ } يا أكمل الرسل { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله وأصروا عليه ، ولم يرجعوا عنه مع ورود الزواجر والخوارق { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ التوبة : 3 ] في النشأة الاولى بالقتل والسبي والإجلاء ، وفي الآخرة بالحرمان عن رتبة الإنسان .