Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 36-37)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ قال سبحانه تعليماً للمؤمنين على ما ثبت عنده من الأيام والشهور ؛ لتتميم مصالحهم ومعاملاتهم : { إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ } على ما ثبت { عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ } أي : في حضرة علمه ولوح قضائه { يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } أي : حين أظهر سبحانه عالم الكون والفساد المقدر بمكال الأيام والليالي المنقسمتين إلى الشهور والأعوام والأسبوع والساعات ؛ إذ في أزل الذات لا صباح ولا مساء ، ولا صيف ولا شتاء ، ولا الشهور ولا السنون ، فسبحان من تنزه عن التبديل والتحويل ، وتقدس عن الظهور والبطون . { مِنْهَآ } من تلك الشهور في كتاب الله { أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } هي رجب وذو القعدة وذو الحجة ومحرم ، سيمت بها ؛ لأن الله سبحانه حرم فيها لعباده بعض ما أباح في الشهور الأخر كرامةً لها واحترامناً ، فعليكم أيها المكلفون أن تواظبوا فيها على الطاعات ، وتداموا على الخيرات المبرات ، واجتنبوا عن الآثام والجهالات ، وأكثروا فيها الأعمال الصالحات وتوجهوا نحو الحق في جميع الحالات ، سيما في تكل الشهور المعدة للتوجه من عنده { ذٰلِكَ } أي : تحريم الشهور الأربعة { ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ } المستقيم الموروث لكم من ملة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - { فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } بالخروج عن مقتضى تحريمها وهتك حرمتها ؛ حتى لا تستحقوا عذاب الله ونكاله . { وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ } فيها إن قاتلوكم ، ولا تبادروا وتسابقوا إلى قتالهم فيها وفي غيرها ، بل إن بادروا على قتالكم قاتلوكم ، واقتلوهم { كَآفَّةً } أي : جميعاً { كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً } بلا ترحم وتوقيت { وَٱعْلَمُوۤاْ } أيها المؤمنون { أَنَّ ٱللَّهَ } المستوي على العدل القويم { مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ التوبة : 36 ] الذي يحفظون نفوسهم عن هتك حرمة الله ، قد حرمها الله لحكمة ومصلحة لم يطلعكم عليها . { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ } أي : تأخير حرمة الشهر المحرم إلى شهر آخر بدله من غير المحرمات { زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ } لأن خصوصية هذه الأشهر معتبرة في الحرمة ، واستبدالها ازدياد في الكفر ؛ لأن هتك الحرمة كفر ، وتبديلها كفر آخر { يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أي : بسبب تبديلهم إضلالاً زائداً على ضلالهم الأصلي ؛ إذ { يُحِلُّونَهُ } أي : النسيء الذي يؤخرونه { عَاماً } سنة { وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً } أخر بلا رعاية خصوصية في التحريم ، وليس غرضهم من هذا التحليل والتحريم إلاَّ { لِّيُوَاطِئُواْ } ويوافقوا { عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } وهي الأربعة من غير التفات إلى خصوصية { فَيُحِلُّواْ } بفعلهم وتبديلهم { مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ } بخصوصه ، وما ذلك إلا أن { زُيِّنَ } أي : حسن وحبب لهم { لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ } أي : تحليلهم وتبديلهم القبيح { وَٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى صوب جنابه { لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ } [ التوبة : 37 ] الخارجين عن مقتضى مأموراته .