Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 72-74)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ } منتزهات من العلم والعين والحق { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي : أنهار المعارف والمكاشفات المتجددة حسب تجددات التجليات الإلهية { خَالِدِينَ فِيهَا } أبداً لا يتحولون عنها أصلاً { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً } أي : مقراً في مقام التوحيد ، خالياً عن وصمة الكثرة ، طاهراً عن لوث السّوى والأغيار مطلقاً { فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَ } بالجملة : { رِضْوَانٌ } وقبول { مِّنَ ٱللَّهِ } المستوي على العدل القويم ، بحيث لا يسخط لهم أصلاً ؛ لتحققهم بمقام التخلق بأخلاقه سبحانه ، بحيث لا يبقى لهم شائبة انحراف عن صراطه المستقيم الذي هو صراط الله الأقوم الأعدل { أَكْبَرُ } من جميع ما ذكر من قبل من المدرجات العليَّة { ذٰلِكَ } الرضا من الله ، والقبول من جانبه { هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ التوبة : 72 ] واللطف الجسيم لأرباب الولاء ، الواصلين إلى مرتبة الفناء فيه سبحانه والبقاء ببقائه ، لذلك وعدوا من عنده بما لا يمكن التعبير عن كنهه إلا كوشف به وشوهد . { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ } الهادي لعباد الله إلى تلك المرتبة بإذن الله { جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ } المتمردين على الإطاعة الانقياد لإرشادك وتكميلك { وَٱلْمُنَافِقِينَ } الذين يحليون ويخدعون معك في إظهار الإيمان ، وهم في سرهم وباطنهم على شركهم وكفرهم الأصلي متقررون ثابتون { وَ } بعدما أصروا على نفاقهم وشقاقهم { ٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } حسب إصرارهم وإعراضهم { وَ } لا تبال بهم ؛ { مَأْوَاهُمْ } ومنقلبهم { جَهَنَّمُ } العبد والخذلان في الدنيا والآخرة { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ التوبة : 73 ] مصير أولئك المحرومين المطرودين عن ساحة عز القبول . ومن جملة نفاقهم وكفرهم : إنهم { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ } كذباً وميناً ، إنهم { مَا قَالُواْ } من الطعن في كتاب الله وتكذيب رسوله صلى الله عليه وسلم { وَ } الحال أنهم { لَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ } أي : كلمة الطعن والتكذيب المستلزم للكفر ، فحلفوا على عدم القول كذباً { وَ } هم في أنفسهم { كَفَرُواْ } بالحق وأعرضوا عنه { بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ } أي : انقيادهم وتسليمهم ؛ أي : اختاروا الكفر بعدما أظهروا الإسلام { وَ } لا يقتصرون على إظهار الكفر فقط ، بل { هَمُّواْ } وقصدوا { بِمَا لَمْ يَنَالُواْ } من قتبل الرسول صلى الله عليه وسلم والاقتحام عليه بغتة في الليل بلا علم من أصحابه ، او هموا بإخراجه ومن معه من أصحابه من المدينة { وَمَا نَقَمُوۤاْ } وقصدوا إهلاك رسول الله صلى الله عليه وسلم وإخراجه { إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ } أي : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح أبواب الرزق والمكاسب { وَرَسُولُهُ } بإعطاء الغنائم { مِن فَضْلِهِ } ففي مقام الشكر وإظهار المنة ينكرون له ، ويكفرون نعمه وبعدما وقع ما وقع . { فَإِن يَتُوبُواْ } عمَّا صدر عنهم توبة صادرة عن محض الندامة والإخلاص { يَكُ خَيْراً لَّهُمْ } عند الله ، يغفر لهم ويعفوا عن زلتهم { وَإِن يَتَوَلَّوْا } ويعرضوا عن التوبة ، ويصروا على ما هم عليه من الكفر والنفاق { يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ } المنتقم منهم { عَذَاباً أَلِيماً } مؤلماً فجيعاً { فِي ٱلدُّنْيَا وَ } بالقتل والسبي والإجلاء والإذلال ، وأنواع العقوبات في { ٱلآخِرَةِ } بأضعاف ما في الدنيا والآفها ؛ لانحطاطهم عن المرتبة الإنسانية ، وقبول التكاليفات الإلهية المقتضية لإظهار الحكمة والكرامة المودعة في هياكلهم { وَ } إن استظهروا واستنصروا من أوليائهم { مَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ } بعد انتشار دين الإسلام في أقطارها { مِن وَلِيٍّ } يعينهم ويولي أمورهم { وَلاَ نَصِيرٍ } [ التوبة : 74 ] ينصرهم من باس الله وعذابه .