Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 90, Ayat: 11-20)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعدما أعطيناه وهديناه { فَلاَ ٱقتَحَمَ } وما دخل الإنسان { ٱلْعَقَبَةَ } [ البلد : 11 ] أي : الكؤودة الوعرة على نفسه الشاقة لها ، حتى يؤدي شكر ما أعطيناه . ثمَّ أبهمها سبحانه تعظيماً وتفخيماً فقال : { وَمَآ أَدْرَاكَ } أيها المغرور بالحياة المستعار ولوازمها { مَا ٱلْعَقَبَةُ } [ البلد : 12 ] الكؤودة في طريق أهل الإيمان والعرفان . ثمَّ بيَّنها بقوله : { فَكُّ رَقَبَةٍ } [ البلد : 13 ] أي : العقبة الكؤودة فك الرقبة عن رقية الآماني والآمل . { أَوْ } العقبة { إِطْعَامٌ } على فقراء الله وعجزه عباده { فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ } [ البلد : 14 ] أي : حاجة شديدة وجوع مفرط . يعني : { يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ } [ البلد : 15 ] أي : له قرابة إلى المطعم . { أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ } [ البلد : 16 ] أسكنه الفقر وإغبره في تراب المذلة والصغار . { ثُمَّ } بعدما أقدم على اقتحام العقبة { كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله ، وأيقنوا أن ما في يدهم لله ، وهم منفقون بإقدار الله في سبيل الله { وَ } مع إيمانهم بالله واتصافهم بالأعمال الصالحة المؤكدة لإيمانهم { تَوَاصَوْاْ } بينهم ؛ أي : أوصى بعضهم بعضاً { بِٱلصَّبْرِ } على مشاق التكاليف الإلهية ومتاعب الطاعات المأمورة لهم { وَ } كذلك { تَوَاصَوْاْ } بينهم { بِٱلْمَرْحَمَةِ } [ البلد : 17 ] والشفقة على عباد الله وتعظيمهم ، والتحنن نحوهم ، والإحسان معهم ولو بكلمة طيبة . { أُوْلَـٰئِكَ } السعداء ، الموصوفون بلذة الكرامة العظمة { أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } [ البلد : 18 ] عند الله ؛ أي : ذوي اليُمن والكرامة وأنواع اللطف ، وأعلى الدرجة والمقامة . ثمَّ قال سبحانه على مقتضى سنته المستمرة في كتابه : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وكذَّبوا { بِآيَاتِنَا } الدالة على عظمة ذاتنا ، وكمالات أسمائنا وصفاتنا { هُمْ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } [ البلد : 19 ] أي : ذوو الملامة والندامة ، المأخوذون بشؤم كفرهم ومعاصيهم ، المجزيّون بفواسد ما اقترفوا من الجرائم والآثام . لذلك { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُّؤْصَدَةٌ } [ البلد : 20 ] مبطقة ، مغلقة ، مكتوبة بحيث لا يمكنهم من لوازمها التنفس فيها أصلاً ؛ لكونهم منهمكين في النشأة الأولى في لوازم الإمكان بحيث لا يمكنهم في لوازمها ومقتضياتها . نعوذ بك من النار ، وما قرب إليها غفَّار . خاتمة السورة عليك أيها المترقب للكرامة الإلهية والسعادة الأبدية - يسَّر الله لك طرؤق الوصول إليك - أن تشتغل بصوالح الأعمال ، وتجتنب عن فواسدها وتكتسب الأخلاق المرضية المقربة إلى الله ، والمبعدة عن شآمة أصحاب الزيغ والضلال ، المنهمكين في بحر الغفلة بأنواع الشهوات واللذات البهيمية والوهمية الفانية ، العائقة من الوصول إلى اللذات الروحانية الباقية . وإياك إياك الاختلاط مع أصحاب الثروة المفتخرين بالمال والجاه ، المتصفين بالنخوة الحاصلة منها ، فإن صحبتك معهم تزل قدمك عن منهج التوكل ، وتميل قلبك عن الرضا والتسليم . ثبت أقدامنا على جادة توحيدك يا ذا القوة المتين .