Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 91, Ayat: 11-15)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لذلك { كَذَّبَتْ ثَمُودُ } المبالغ في أهلاك النفس وتضليلها وتقريرها بمن أُرسل إليها وأُمر لإرشادها ، حين انحرفت عن جادة العدالة { بِطَغْوَاهَآ } [ الشمس : 11 ] أي : بسبب طغيانها وتقليبها حظوظ السفليات على حظوظ العلويات ، وبعدوان القوى الأمارة على جنود المطمئنة ، وبانقهار نشآت اللاهوت بغلبة مقتضيات الناسوت . وذلك أنهم قد بالغوا في العتو والعناد والتكذيب والإفساد ، سيما وقت { إِذِ ٱنبَعَثَ } أي : قام وأقدم مسرعاً { أَشْقَاهَا } [ الشمس : 12 ] أي : أشقى القبيلة وأرداها وأضلَّها عن طريق الحق - وهو : قدار بن سالف - إلى عقر الناقة المعهودة المحفوظة المخصوصة بالوصية الإلهية . وبعدما صمم عزمه إلى العقر { فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ ٱللَّهِ } وهو صالح عليه السلام على مقتضى شفقة النبوة : ذروا { نَاقَةَ ٱللَّهِ } واحذروا عقرها ، وبالجملة : لا تمسوها بسوء مطلقاً ، فيأخذكم عذاب عظيم { وَسُقْيَاهَا } [ الشمس : 13 ] التي عيَّن الله لها ، ولا تذبوها عن المَّاء . { فَكَذَّبُوهُ } ولم يقبلوا قول الرسول ، واجتمعوا على عقرها { فَعَقَرُوهَا } فخرج الرسول من بينهم ؛ خوفاً من حلول عذاب الله وسطوة قهره وجلاله ، وبعدما ارتكبوا المحظور المنهي { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ } أي : طبَّق عليهم الصيحة الهائلة ، فأهلكهم بها بالمرة { بِذَنبِهِمْ } الذي صدر عنهم ، وهو تكذيب الرسول المرشد لهم من قِبل الحق { فَسَوَّاهَا } [ الشمس : 14 ] أي : سوى الدمدمة عليهم ، وأعمت بينهم بحيث لا ينجو منهم أحد ، وبالجملة : أقدم العاقر اللعين على عقرها ، واتفقوا معه . { وَلاَ يَخَافُ } هو وهم { عُقْبَاهَا } [ الشمس : 15 ] أي : ما يعقب عقرها ويتبعها من أنواع البلاء والمصيبة والعناء ، وأخبرهم به الرسول فكذّبوه واستهزءوا معه ؛ لذلك لحقهم من سيئات أعمالهم . نعوذ بك من سيئات الأعمال ، وتشتت الأحوال ، وتفاقم الأهوال . خاتمة السورة عليك أيها الطالب للفلاح الأبدي والصلاح السرمدي المترتب على العناية الإليه وفضله أن تصفي نفسك عن مقتضيات الإمكان وظلمَّات الهيولى والأركان ، حتى تأمن عن طغيانها وعدوانها ، فلك أن تحيلها بالمعارف والحقائق ومحاسن الشيم والأعمال والخلاق الموجبة لفيضان لوامع الكشف والشهود ، المخلص عن مطلق القيود لقرافة إطلاق الوحدة الذاتية المسقطة لعموم الكثرات المتفرعة على الإضافات الطارئة على التعينات العدمية . وفقنا الله لتخلية النفوس عن مطلق الرذائل ، وتحليتها لمحاسن الشيم والخصائل .