Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 1, Ayat: 1-1)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } لم يتكلم الجلال المحلي ولا تلميذ عليها ، ولعلمها اتكالا على شهوته ، ونتكلم على شيء منها فنقول : ابتدأ كتابة تعالى بالبسملة ، تعليماً لعباده الاقتداء بذلك ، والإتيان بها في كل أمر ذي بال إشعاراً بأنها أم الفاتحة كما أن الفاتحة أم القرآن ، كما أن القرآن أم لكتب السماوية ، والله علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد ، والرحمن المنعم بجلائل النعم ، كماً وكيفاً دنيا وأخرى ، والرحيم المنعم بدقائقها كذلك . - فائدة - روى الشعبي والأعمش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكتب : باسمك اللهم حتى نزل وقال : اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها كتب بسم الله ، فلما نزلت { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } [ الإسراء : 110 ] كتب : بسم الله الرحمن ، فلما نزلت { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } [ النمل : 30 ] كتبها ، وعن عبد الله بن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ { بِسمِ ٱلله الرَّحْمٰنِ الرَّحِيـمِ } ليجعل الله له بكل حرف منها جنة من كل واحد ، وقد فسرها بعض العارفين على مقتضى الحروف فقال : إن كل حرف منها مفتاح كل اسم من اسمائه تعالى ، مبدوء بذلك الحرف ، فالباء مفتاح اسمه تعالى : بصير وباقي وبر ، ونحن ذلك ، والسين مفتاح اسمه تعالى : سميع سلام ، والميم مفتاح اسمه ملك ونحوه ، والألف مفتاح اسمه تعالى ونحوه ، واللام مفتاح اسمه لطيف ونحوه ، والهاء مفتاح اسمه هادي ونحوه ، والراء مفتاح اسمه رزاق ونحوه ، والحاء مفتاح اسمه حليم ونحوه ، والنون مفتاح اسمه نافع ونحوه ، فكأن المفتتح بها مفتتح بجميع أسمائه تعالى : قوله : ( جملة ) أي مركبة من مبتدأ وخبر ، وقوله : ( خبرية ) أي لفظاً وهي إنشائية معنى بدليل قوله : ( قصد الثناء ) أي قصد بها إنشاء الثناء ، قوله : ( من أنه تعالى ) الخ ، بيان للمضمون ، وفي ذلك إشارة إلى أن أل في الحمد جنسية ، وهو الأولى من جعلها استغراقية أو عهدية ، أما الأول فلأنه ليس في طاقة العبيد حصر أفراد الحمد ، وأما الثاني فلقصوره كذا قال النحويون ، واختار الصوفية أنها للعدد قائلين : إنه تعالى لما علم عجز خلقه عن كنه حمده ، حمد نفسه بنفسه أو وضعه لهم يحمدونه به ، وهذا المعنى هو المناسب للحمد الواقع في القرآن فتدبر . قوله : ( ومستحق ) الخ ، أشار بذلك إلى أن اللام في { للَّهِ } للملك أو للاستحقاق . قوله : ( والله علم على المعبود بحق ) أي علم شخص عربي مرتجل جامد وهو الصحيح ، ومعنى كونه علم شخص ، أنه علم على ذات معينة مستجمعة لصفات الكمال ، وقال الزمخشري : إنه اسم جنس صار علماً بالغلبة مشتق من أله كعبد وزناً ومعنى أو من أله بمعنى سكت ، أو من وله بمعنى تحير ودهش أو طرب ، أو من لاه بمعنى احتجب ، أو ارتفع أو استنار ، ومجموع الأقاويل هو المعبود للخواص والعوام ، المفزوع إليه في الأمور العظام ، المرتفع عن الأوهام ، المتحجب عن الأفهام ، الظاهر بصفاته الفخام ، الذي سكنت إلى عبادته الأجسام ، وولعت به نفوس الأنام ، وطربت إليه قلوب الكرام .