Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 90-91)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَجَاوَزْنَا بِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْبَحْرَ } إلخ لما استجاب الله دعاء موسى وهارون ، بالطمس على أموالهم ، والربط على قلوبهم ، أوحى الله إلى موسى وهارون ، أن أسر بعبادي ، واخرج بهم من أرض مصر ، وورد أن يعقوب لما دخل مصر مع ذريته ، لاجتماعهم بيوسف ، كانوا اثنين وسبعين ، فلما خرج موسى بهم ، كانوا ستمائة الف ، وكان فرعون غافلاً عن ذلك ، فلما سمع أنهم خرجوا وعزموا على مفارقة مملكته ، خرج في عقبهم ، فلما أدركهم قالوا لموسى : أين المخلص ، والبحر أمامنا والعدو وراءنا ، فلما قربوا ، أوحى الله إليه أن أضرب بعصاك البحر ، فضربه فانفلق ، فقطعه موسى وبنو إسرائيل ، فلحقهم فرعون وكان على حصان أدهم ، وكان معه ثمانمائة الف حصان على لون حصانه ، سوى سائر الألوان ، وكان يقدمهم جبريل على فرس أنثى ، وميكائيل يسوقهم حتى لا يبقى منهم أحد ، فدنا جبريل بفرسه ، فلما وجد الحصان ريح الأنثى ، لم يتمالك فرعون نفسه ، فنزل البحر وتبعه جنوده ، حتى إذا اكتملوا جميعاً في البحر ، وهم أولهم بالخروج ، انطبق عليهم ، وحصان بوزن كتاب ، وجمعه حصن ككتب ، كذا في القاموس . قوله : { وَجَاوَزْنَا } من المجاوزة وهي التخطية والتعدية ، والمعنى جعلناهم مجاوزين البحر ، بأن جعلناه يبساً وحفظناهم حتى بلغوا الشط . قوله : { ٱلْبَحْرَ } أي بحر السويس . قوله : ( لحقهم ) أي مشى خلفهم . قوله : { بَغْياً } أي في الأقوال { وَعَدْو } ، أي في الأفعال ففرعون متعد على بني إسرائيل ، بالأقوال الكاذبة والأفعال الجائرة . قوله : ( مفعول له ) أي لأجله ، ويصح نصبهما على الحال ، أي باغين ومتعدين . قوله : { حَتَّىٰ إِذَآ أَدْرَكَهُ ٱلْغَرَقُ } غاية لاتباعه . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : ( استئنافاً ) أي واقعاً في جواب سؤال مقدر ، أو على إضمار القول ، والتقدير قائلاً إنه إلخ . قوله : ( كرره ليقبل منه ) أي كرر الإقرار بالإيمان ثلاث مرات . قوله : { آمَنتُ } ، وقوله : { أَنَّهُ } إلخ ، وقوله : { وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } . قوله : ( فلم يقبل ) أي فمات على كره ، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة ، وما قيل من أنه مات مؤمناً ، فلا يلتفت له . قوله : ( ودس جبريل ) أي بأمر من الله ، وهو لا يسأل عما يفعل ، وذلك نظير أمرنا بقتل الكفار ، وبهذا تعلم جواب إشكال الفخر الرازي في هذا المقام . قوله : ( من حمأة البحر ) بسكون الميم وتحريكها ، وهي الطين الأسود . قوله : ( مخافة أن تناله الرحمة ) أي وليس من أهلها لسابق علم الله بعدم إيمانه . إن قلت : ما الحكمة في عدم قبوله مع كون الإيمان وقع منه ثلاث مرات ؟ أجيب بأجوبة ، منها : أنه إنما آمن عند نزول العذاب ، وهو حينئذ غير نافع ، قال تعالى : { فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا } [ غافر : 85 ] ومنها : أن الإيمان بالله ، من غير إقرار للرسول بالرسالة غير نافع ، وفرعون لم يقر برسالة موسى عليه السلام ، فلم يصح إيمانه . ومنها : أن قوله : { آمَنَتْ } ليس قاصداً به الإيمان حقيقة ، بل قصد به النجاة من البحر على حكم عادته ، إذا أصابته مصيبة رجع واستجار . وحكي أن جبريل عليه السلام ، أتى لفروعون بفتوى : ما قول الأمير في عبد نشأ في مال مولاه ونعمته ، فكفر نعمته ، وجحد حقه ، وادعى السيادة دونه ؟ فكتب فرعون فيه . يقول أبو العباس الوليد بن مصعب : جزاء العبد الخارج على سيده ، الكافر نعمته ، أو يغرق في البحر ، فلما غرق ، رفع جبريل إليه خطه . قوله : ( وقال له ) معطوف على قوله ودس ، وقدره إشارة إلى أن قوله : { آلآنَ } ظرف لمحذوف ، والجملة مقول لذلك القول المقدر . قوله : { آلآنَ } استفهام توبيخ وتقريع . قوله : { وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ } الجملة الحالية ، والمعنى آلآن تتوب ، وقد ضيعت الإيمان في وقته الذي يقبل فيه ، وهو غير وقت العذاب .