Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 103, Ayat: 1-2)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلْعَصْرِ } قسم من الله تعالى ، وجوابه قوله : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } . قوله : ( الدهر ) الخ ، هذا أحد الأقوال الثلاثة التي ذكرها المفسر في معنى العصر ، ووجه قسمة بالدهر ، أنه يحصل فيه السراء والضراء ، والصحة والسقم ، والغنى والفقر ، ونحو ذلك ، ولأن العمر لا يقاوم بشيء ، فلو ضيعت ألف سنة فيما لا يعني ، ثم ثبتت السعادة في اللمحة الأخيرة ، بقيت في الجنة أبداً الآباد ، فكان أشرف الأشياء في حياتك في تلك اللمحة ، ولأن الدهر والزمان من جملة أصول النعم ، وقوله : ( أو ما بعد الزوال إلى الغروب ) أي ووجه القسم به أن فيه العجائب ، وأيضاً يدرك المقصر فيه ما فاته أول النهار ، وقوله : ( أو صلاة العصر ) أي فأقسم بها لشرفها ، ولأنها الصلاة الوسطى في قول ، بدليل ما في مصحف عائشة وحفصة : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر . ولما ورد : " من فاتته صلاة العصر ، فكأنما وتر أهله وماله " . وقيل : العصر زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقسم بزمانه كما أقسم بمكانه في قوله : { لاَ أُقْسِمُ بِهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ } [ البلد : 1 ] وبعمره في قوله : { لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الحجر : 72 ] ففيه تنبيه على أن عصره أفضل العصور ، وبلده أفضل البلاد ، وحياته أفضل من حياة غيره ، وقيل : { ٱلْعَصْرِ } زمانه وزمان أمته ، لأنه ختام العصور وأفضلها ، وفيه ظهور الساعة وعجائبها . قوله : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ } مشى المفسر على أن المراد بالإنسان الجنس الشامل للمسلم والكافر ، وذلك لأن الإنسان لا ينفك عن خسران ، لأن الخسران ، هو تضييع العمر ، فإن كل ساعة تمر من عمر الإنسان ، إما أن تكون تلك الساعة في طاعة أو معصية ، فإن كانت في معصية فهو الخسران البين ، وإن كانت في طاعة فلعل غيرها أفضل ، وهو قادر عليه ، فكان فعل غير الأفضل تضييعاً وخسراناً ، وأيضاً ربح الإنسان في طلب الآخرة وحبها ، والأعراض عن الدنيا ، فلما كانت الأسباب الداعية إلى الآخرة خفية ، والأسباب الداعية إلى حب الدنيا ظاهرة ، وكثرة اشتغال الناس بحب الظاهر كانوا في خسار وبوار ، قد أهلكوا أنفسهم بتضييع أعمارهم فيما لم يخلقوا له ، وقوله : { لَفِى خُسْرٍ } أي غبن ، وقيل هلكة ، وقيل عقوبة ، وقل شر ، وقيل نقص ، والمعنى متقارب ، وقيل : المراد بالإنسان الكافر ، بدليل استثناء المؤمنين بعد وخسرانه ظاهر .