Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 116-119)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ } إلخ ، لما بيّن سبحانه وتعالى ما حل بالأمم الماضية من عذاب الاستئصال ، بيّن هنا أن السبب في ذلك أمران الأول : عدم وجود من ينهى عن الفساد . الثاني : عدم رجوعهم عما هم فيه . قوله : ( فهلا ) أفاد المفسر أن لولا تحضيضية ، والمراد بها النفي . قوله : { مِن قَبْلِكُمْ } الجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للقرون ، وَ { أُوْلُواْ } ، فاعل كان ، وقوله : { مِنَ ٱلْقُرُونِ } حال من فاعل { كَانَ } . قوله : ( أصحاب دين وفضل ) أي وسموا { أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ } لأن أهل البقاء بربهم لا يتحولون عما هم عليه من الدين والصلاح ، فلهم البقاء والنجاة من الهلاك . قوله : ( والمراد به ) أي بالتحضيض المستفاد من لولا . قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } هذا استثناء منقطع ، ولذا عبر المفسر بلكن ، فالمستثنى منه القرون المهلكة بالعذاب ، لعدم نهيهم عن المنكر ، والمستثنى من انجاء الله من العذاب ، بسبب أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر . قوله : { وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ } أي داموا على شهواتهم ولم يتذكروا عذاب الله . قوله : ( نعموا ) أي من النعيم الذي يغضب الله تعالى ، فالمعنى أن سبب هلاكهم انشغالهم بالشهوات المغضبة لله تعالى وعدم رجوعهم عنها . قوله : { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } الجملة حالية أي والحال أنهم فاعلون الجرائم مصرون عليها . قوله : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ } هذا كالدليل لما قبله ، والمعنى ما صح أن يهلك القرى بظلم منه ، والحال أن أهلها مصلحون ، وسمي الأخذ من غير ذنب ظلماً تكرماً منه ، وإلا فحقيقته الظلم التصرف في ملك الغير من غير إذنه ، ولا ملك لأحد معه ، وهو بهذا المعنى مستحيل عقلاً من الله ، وأما أخذه بغير ذنب ، فهو وإن كان جائزاً عقلاً فمستحيل شرعاً ، لأنه سماه ظلماً تفضلاً منه ، ونزه نفسه سبحانه عنه ، كما ألزم نفسه بالرحمة تفضلاً منه . قوله : ( منه لها ) ويصح أن يكون المعنى بظلم منهم ، ويراد بالظلم الشرك ، والمعنى أنه لا يهلك أهل القرى بمجرد شركهك ، إذا كانوا مصلحين فيما بينهم ، لفرط مسامحته تعالى في حقوقه ، ولذلك تقدم حقوق العبادة على حقوق خالقهم . قوله : { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي لكنه لم يشأ ذلك ، فلم يجعلهم أمة واحدة ، فلو امتناعية ، والمعنى امتنع ذلك لعدم مشيئة الله له . قوله : ( أهل دين واحد ) أي وهو دين الإسلام . قوله : { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } أي على أديان شتى ، واستفيد من هذا ، أن الاختلاف كما كان حاصلاً في الأمم الماضية ، لا يزال مستمراً في هذه الأمة ، فمنهم الكافر والمؤمن والطائع والعاصي ، ولذلك ورد في الحديث : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، وستفترقون ثلاثاً وسبعين ، اثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة ، والمراد بالفرقة الواحدة ، أهل السنة والجماعة " قوله : ( فلا يختلفون فيه ) بل هم على دين واحد لا يتفرقون ، قال تعالى : { أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ } [ الشورى : 13 ] . قوله : { وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } اللام للعاقبة والصيرورة ، والمعنى : خلق أهل الاختلاف ، لتكون عاقبة أمرهم هو الاختلاف ، وخلق أهل الرحمة ، لتكون عاقبة أمرهم الرحمة . قوله : { وَتَمَّتْ } أي حقت ووجبت . قوله : { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ } أي حتى تقول قط قط ، بمعنى يكفي يكفي كما في الحديث ، وذلك بعد أن تمد أعناقها وتطلب الزيادة ، فيتجلى الله عليها بصفة الجلال ، فتخضع وتذل وتقول قط قط . قوله : { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ } أي الكفار منهم ، لأن الامتلاء على سبيل الخلود ، لا يكون إلا من الكفار . قوله : ( نصب بنقص ) أي على أنه مفعول له .