Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-4)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { كِتَابٌ } خبر المحذوف قدره المفسر بقوله : ( هذا ) يدل عليه قوله في آية أخرى { ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ } [ البقرة : 2 ] واسم الإشارة يصح عوده على ما ذكر في هذه السورة فقط ، أو على جميع القرآن ، وتقدم ذلك . قوله : { أُحْكِمَتْ } صفة لكتاب ، إما من الأحكام أي الإتقان ، ففعله متعد ، والمعنى أتقنت آياته لفظاً ومعنى ، فلا يحيط بمعنى آيات القرآن غيره تعالى ، ولم يوجد تركيب بديع الصنع عديم النظير نظير القرآن ، أو الهمزة للنقل من حكم بضم الكاف ، بمعنى جعلت حكمية . قوله : { ثُمَّ فُصِّلَتْ } يحتمل أن ثم لمجرد الإخبار ، والمعنى أخبرنا الله بأن القرآن محكم أحسن الإحكام ، مفصل أحسن التفصيل ، كما تقول : فلان كريم الأصل ، ثم كريم الفعل ، ويحتمل أنها للترتيب الزماني بحسب النزول لأنها أحكمت أولاً حين نزلت جملة واحدة ، ثم فصلت ثانياً ، بحسب الوقائع . قوله : { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } صفة ثانية لكتاب ، وفيه طباق حسن ، لأن حكيم يناسب أحكمت ، وخبير يناسب فصلت ، ويصح أن يكون من باب التنازع ، أعمل الأول وهو أحكمت ، وأضمر في الثاني وحذف ، والأحسن الأول . قوله : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } الأحسن أن { أَنْ } تفسيرية لوجود ضابطها ، وهو تقدم جملة فيها معنى القول دون حروفه ، وهو قوله : { ثُمَّ فُصِّلَتْ } . قوله : { مِّنْهُ } يصح عود الضمير على الله ، أو على الكتاب . قوله : ( إن كفرتم ) أي دمتم على الكفر . قوله : { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ } عطف على قوله : { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ } والسين والتاء للطلب ، والمعنى اسألوه الغفران لذنوبكم فيما مضى ، وقوله : { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } أي في المستقبل ، لأن شرط التوبة الندم على ما فات ، والإقلاع في الحال ، والعزم على عدم العود في المستقبل ، فلا يقال : إن الاستغفار هو التوبة ، بل بينهما التغاير . قوله : { يُمَتِّعْكُمْ } جواب الأمر . قوله : ( بطيب عيش ) أي في لأمن وراحة ورضا ، فمن تاب في ذنوبه وأخلص عبارة ربه عاش في أمن وراحة ورضا ، وإن ضيقت عليه الدنيا ، فهي رفع درجات له ، بوجود رضا الله عليه ، ومن لم يتب وأصر على المعاصي والكفر ، عاش في خوف ونصب وسخط ، وإن وسعت عليه ملاذ الدنيا ، ألا لا خير في عيش بعده النار ، وحينئذ فلا ينافي هذا ، كون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . قوله : ( فيه حذف إحدى التاءين ) أي والأصل تتولوا . قوله : ( أي تعرضوا ) أي عن الأوامر والنواهي ، وتدوموا على الكفر ، وجواب الشرط محذوف ، والتقدير فلا تلوموا إلا أنفسكم ، وقوله : { فَإِنِّيۤ أَخَافُ } إلخ تعليل للجواب المحذوف . قوله : { إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ } أي فلا مفر لكم منه . قوله : ( ومنه الثواب ) أي من الشيء المقدور عليه . قوله : ( فيمن كان يستحي ) أي من المسلمين . قوله : ( أن يتخلى ) أي يقضي حاجته من البول والغائط . قوله : ( فيفضي ) معطوف على ( يتخلى ) وتنزيل الآية على حكم هذا القول ، باعتبار تعليم التوحيد والمراقبة ، كأن الله يقول لهم : لا تظنوا أن تغطيتكم تحجبكم عن الله ، بل الله يعلم ما تسرون وما تعلنون ، فلا ينافي أن التغطية عند التخلي والجماع مندوبة ، وليس المراد ذمهم على هذا الفعل ، إذ هو مطلوب حياء من الله والجن والملائكة . قوله : ( وقيل في المننافقين ) قال ابن عباس : نزلت في الأخنس بن شريق في منافقي مكة ، وكان رجلاً طلق الكلام ، حلو المنظر ، وكان يلقى رسول الله بما يحب ، وينطوي بقلبه على ما يكره ، وقيل : كان الرجل من الكفار ، يدخل بيته ، ويرخي ستره ، ويحني ظهره ، ويستغشي بثوبه ، ويقول الكفر ، ويظن أن الله لا يعلمه في تلك الحالة .