Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 19-19)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ } جمع سائر أي مسافر ، سموا بذلك لسيرهم في الأرض ، قوله : ( من مدين إلى مصر ) أي فأخطؤوا الطريق ، ونزلوا بأرض قفراء قريباً من الجب . قوله : { فَأَرْسَلُواْ } ذكر باعتبار المعنى ، ولو راعى اللفظ لقال : فأرسلت واردها . قوله : { وَارِدَهُمْ } وهو مالك بن ذعر الخزاعي ، وهو من أهل مدين . قوله : { فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ } يقال أدلى بالهمز إذا أرسل الدلو في البئر ودلاه بالتضعيف إذا نزعه ، والدلو مؤنث وقد يذكر . قوله : ( فأخرجه ) أي بعد أن مكث فيها ثلاثة أيام على ما قيل ، ولما خرج صارت جدران البئر تبكي عليه . قوله : { يٰبُشْرَىٰ } منادى مضاف لياء المتكلم . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : ( ونداؤها مجاز ) أي لتنزيلها منزلة العاقل . قوله : { هَـٰذَا غُلاَمٌ } التنكير للتعظيم ، لأنه كان عليه السلام حسن الوجه ، جعد الشعر ، ضخم العينين ، مستوي الخلق ، أبيض اللون ، غليظ الساعدين والعضدين والساقين ، وخميص البطن ، صغير السرة ، وكان إذا تبسم ظهر النور من ضواحكه وإذا تكلم ظهر من ثناياه ، وبالجملة لم يكن أحسن منه إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإن يوسف أعطي شطر الحسن ، ورسول الله أعطي الحسن كاملاً ، قال البوصيري : @ منزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم @@ إن قلت : إذا كان كذلك ، فلم لم تفتتن النساء بجمال محمد صلى الله عليه وسلم كما افتتنَّ بجمال يوسف ؟ أجيب : بأن جمال محمد قد ستره الله بالجلال كالشمس ، لا يستطيع أحد أن يتأمل فيها إذا قرب منها ، ولذا لم ترو الشمائل الشريفة ، إلا عن صغار الصحابة ، كالحسن والحسين وعبد الله بن عمر وغيرهم ، لا عن كبارهم ، لقيام الجلال بقلوبهم فيمنعهم من وصفه ، وأما جمال يوسف فهو ظاهر ، لم يستتر بجلال كالبدر ، فحينئذ يتأمل فيه المتأمل ويصفه الواصف ، غير أنه يعجز عن استعياب محاسنه ، ومن هذا المعنى قول ابن الفارض : @ لو أسمعوا يعقوب بعض ملاحة في وجهه نسي الجمال اليوسفي @@ قوله : ( فعلم به إخوته ) أي حين نظروا إلى القافلة واجتماعها على البئر ، فأتوهم وقد ظنوا موت يوسف ، فرأوه أخرج حياً ، فضربوه وقالوا : هذا عبد آبق منا ، فإن أردتم بعناه لكم ، ثم قالوا له بالعبرانية : لا تنكر العبودية نقتلك ، فأقر بها ، فاشتراه مالك بن ذعر الخزاعي . قوله : { وَأَسَرُّوهُ } الضمير عائد على السيارة بمعنى بعضهم ، وهو مالك بن ذعر ، والمعنى أن البائع والمشتري أخفوا أمره وجعلوه بضاعة أي قالوا : إنه بضاعة استبضعناه لبعض أهل الماء لنبيعه لهم بمصر ، وإنما قالوا ذلك حيفة أن يطلبوا منه الشركة فيه وقوله : ( جاعليه ) حال من فاعل { وَأَسَرُّوهُ } ، وقوله : { بِضَاعَةً } معمول لتلك الحال ، وهذا في الحقيقة ، وأما بحسب الظاهر ، فهو حال من الواو في أسروه ، ومعنى قوله بضاعة ، أنه ملك للغير أعطوه له ليبيعه لهم ، ويصح أن يعود الضمير على الإخوة ، ويكون معنى البضاعة الشيء المعمول الذي يباع ويشرى ، وعليه درج المفسر . قوله : { بِمَا يَعْمَلُونَ } أي من العمل الذي ظاهره قبيح وباطنه حسن ، حيث ترتب عليه من الأسرار والفوائد العظيمة ، ما لا يدخل تحت حصر ، وهذا تعليم من الله لعباده ، التفويض والتسليم له في شأن إخوة يوسف ، والمعنى لا تخض أيها السامع في شأنهم بسوء ، فإن الله عليم بما يعملون . قوله : ( باعوه ) أي إخوته ، وقوله : ( منهم ) أي السيارة ، والمعنى باعه إخوته للسيارة ، أي لبعضهم وهو مالك بن ذعر الخزاعي . قوله : ( ناقص ) أي عن قيمته لو كان رقيقاً ، وقيل إن البخس معناه الحرام ، لأنه ثمن حر وهو حرام .