Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 16-17)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قُلْ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } هذا مرتب على ما قبله . قوله : ( لا جواب غيره ) أي لتعينه عليهم لاعترافهم به ، وإنما يتركون هذا الجواب عناداً . قوله : { قُلْ أَفَٱتَّخَذْتُمْ } إلخ ، المعنى : أبعد إقراركم بأنه رب السموات والأرض واعترافكم به ، يليق بكم ، أن تتخذوا من دونه من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ؟ قوله : ( تركتم مالكها ) أي وهو الله . قوله : ( استفهام توبيخ ) أي للثاني ، وأما الأول فهو للتقرير . قوله : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ } هذا ترق في الرد عليهم . قوله : ( الكافر والمؤمن ) أي فالمراد بالأعمى أعمى القلب ، والبصير بصيره . قوله : ( الكفر ) أي وعبر بالظلمات جمعاً لتعدد أنواعه ، بخلاف الإيمان فهو متحد ، فلذا عبر عنه بالنور مفرداً ، سمى الكفر ظلمات ، لأنه موصل لدار الظلمات وهي النار ، وسمى الإيمان بالنور ، لأنه موصل لدار النور وهي الجنة . قوله : ( لا ) أشار بذلك إلى أن الاستفهام إنكاري بمعنى النفي ، وبمعنى هذه الآية قوله تعالى : { مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ } [ النور : 35 ] الآية ، وقوله تعالى : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ } [ النور : 40 ] . قوله : { أَمْ جَعَلُواْ } أي بل أجعلوا ، فأم منقطعة تفسر ببل والهمزة . قوله : { شُرَكَآءَ } أي الأصنام . قوله : { خَلَقُواْ } أي الأصنام ، وقوله : { كَخَلْقِهِ } أي الله ، والمعنى هل لهذه الأصنام خلق كخلق الله ؟ فاشتبه بخلقه فاستحقت العبادة لذلك ، وهو إنكار عليهم ، أي لم يخلقوا أصلاً ، بل ولا يستطيعون دفع ما ينزل بهم ، فيكف العاجز يعبد ؟ قوله : ( أي ليس الأمر كذلك ) أي لم يخلقوا كخلق الله حتى يشتبه بخلق الله ، بل الكفار يعلمون بالضرورة ، أن هذه الأصنام لم يصدر عنها فعل ولا خلق ولا أثر أصلاً ، وإذا كان كذلك ، فجعلهم إياها شركاء لله في الألوهية محض جهل وعناد . قوله : { وَهُوَ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } أي المنفرد بالإيجاد والإعدام ، القاهر لعباده ، المختار في أفعاله فلا يسأل عمل يفعل . قوله : ( ثم ضرب مثلاً ) أي بينه ، والمراد بالمثل الجنس ، لأن المذكور للحق مثلاً وللباطل كذلك . قوله : { فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ } أي أنهار جمع واد ، وهو الموضع الذي يسيل فيه المال بكثرة ، وحينئذ فهو مجاز عقلي من إسناد الشيء لمكانه ، والأصل فسال الماء في الأودية . قوله : { بِقَدَرِهَا } بفتح الدال باتفاق السبعة ، وقرىء شذوذاً بسكونها . قوله : ( بمقدار ملئها ) أي ما يملأ كل واحد بحسبه ، صغراً وكبراً . قوله : { زَبَداً } الزبد ما يظهر على وجه الماء من الرغوة ، أو على وجه القدر عند غليانه ، وقد تم المثل الأول . قوله : { وَمِمَّا يُوقِدُونَ } الجار والمجرور خبر مقدم ، و { زَبَدٌ } مثله مبتدأ مؤخر . قوله : ( بالتاء والياء ) أي وهما قراءتان سبعيتان . قوله : { فِي ٱلنَّارِ } متعلق بتوقدون ، وقوله : { ٱبْتِغَآءَ حِلْيَةٍ } علة لتوقدون . قوله : ( كالأواني ) أي والمسكوك الذي ينتفع به الناس في معايشهم . قوله : { زَبَدٌ مِّثْلُهُ } أي في كونه يصعد ويعلو على أصله . قوله : ( الكير ) هو منفاخ الحداد ، وأما الكور فهور الموضع الذي توقد فيه النار كالكانون . قوله : ( المذكور ) أي من الأمور الأربعة التي للحق والباطل . قوله : { فَأَمَّا ٱلزَّبَدُ } لف ونشر مشوش . قوله : ( مرمياً به ) أي يرميه الماء إلى الساحل ، ويرميه الكير فلا ينتفع به . قوله : ( والحق ثابت ) أي ماكث ، كما أن الماء والجوهر ثابتان ، وإنما يرمى بزبدهما ، والمعنى أن مثل الباطل ، كمثل الرغوة التي تعلو على وجه الماء ، وخبث الجوهر الذي يصعد على وجهه عند نفخ النار عليه ، ومثل الحق ، كمثل الماء الصافي والجوهر الصافي ، كما أن الرغوة في كل لا قرار لها ولا ينتفع بها بل ترمى ، كذلك الباطل يضمحل ولا يبقى ، والحق ثابت ينتفع به ، كالجوهر والماء الصافيين ، وفي هذه الآية بشرى للأمة المحمدية ، بأنها ثابتة على الحق ، لا يضرهم من خالفهم في العقائد ، بل وإن علا وارتفع لا بد من اضمحلاله وزواله . قوله : { يَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ } أي لإرشاد عبيده باللطف والرفق ، فإن من جملة ما جاء به القرآن الأمثال .