Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 88-92)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } أي لا ترغب فيما متعنا به أصنافاً من الكفار ، فإنه مستحقر ، وفي الحديث عن أبي بكر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أوتي القرآن ، فرأى أن أحداً أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي ، فقد صغر عظيماً ، وعظم صغيراً " قوله : { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } أي لأجلهم . قوله : ( ألن جانبك ) أي تواضع لهم وارحمهم ، كالطائر الذي يخفض جناحه على أفراخه ، رحمة بها وشفقة عليها ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم ما أمر به ، قال البوصيري في هذا المعنى : @ أحل أمته في حرز ملته كالليث حل مع الأشبال في أجم @@ قوله : { كَمَآ أَنْزَلْنَا } الكاف حرف تشبيه وجر ، وما اسم موصول في محل جر ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف ، والتقدير : وقل : إني أنا النذير لكم بالعذاب ، كالعذاب الذي أنزلناه على المقتسمين والماضي بمعنى المستقبل ، إذ الذي نزل بأهل مكة لم يكن واقعاً حين نزول الآية ، بل وقع بعد الهجرة ، وكذا ما وقع للمقتسمين طرق مكة لم يكن واقعاً حينئذ ، بل وقع يوم بدر ، إن قلت : إن العذاب المنذر ، ينبغي تشبيهه بشيء قد وقع ليحصل به الاتعاظ . أجيب : بأنه سهل ذلك تحتم نزوله ، فكأنه واقع ولا بد ، وقد تحقق ذلك يوم بدر . قوله : ( اليهود والنصارى ) أي حيث اقتسموا كتبهم ، فآمنوا ببعضها الذي وافق هواهم ، وكفروا بالبعض الذي خالفه . قوله : { ٱلَّذِينَ جَعَلُواْ } بيان للمقتسمين . قوله : { ٱلْقُرْآنَ } المراد به على هذا التفسير معناه اللغوي ، فحينئذ صح تفسير المفسر له بكتبهم المنزلة عليهم . قوله : { عِضِينَ } جمع عضة ، وأصلها قيل عضو ، وقيل عضة ، فعلى الأولى يكون : من عضى الشاة إذا جعلها أعضاء ، أي أجزاء متفرقة . وعلى الثاني يكون : من عضه إذا كذب ، والمعنى جعلوا القرآن أجزاء متفرقة ، أو جعلوه أكاذيب . قوله : ( وقيل المراد بهم الذين اقتسموا طرق مكة ) أي وهم ستة عشر رجلاً ، بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم ، فاقتسموا أعتاب مكة وأنقابها وفجاجها ويقولون لمن سلكها : لا تغتروا بهذا الخارج فينا يدعي النبوة ، فإنه مجنون ، وربما قالوا ساحر ، وربما قالوا شاعر ، وربما قالوا كاهن ، وسموا المقتسمين لأنهم اقتسموا هذه الطرق ، فأماتهم الله شر ميتة ، وكانوا نصبوا الوليد بن المغيرة حكماً على باب المسجد ، فإذا سألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : صدق أولئك ، وما ذكره المفسر قولان من سبعة ذكرها القرطبي . قوله : ( وقال بعضهم ) معطوف على اقتسموا ، فالضمير في بعضهم عائد على الذين اقتسموا ، وهو إشارة إلى أن المراد بالقرآن على هذا القول ، الكتاب المنزل على سيدنا محمد فجعلوه أجزاء ، وحيث اختلفت أقوالهم فيه ، فقال بعضهم سحر ، وبعضهم كهانة ، أو المراد جعلوه أكاذيب فلم يؤمنوا به . قوله : ( سؤال توبيخ ) جواب عما يقال : إنه أثبت سؤالهم هنا ، ونفاه في سورة الرحمن حيث قال { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] فحاصل الجواب : أن المنفي هناك سؤال الإكرام والاحترام ، والمثبت هنا سؤال التوبيخ والتقريع .