Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 118-122)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } شروع في ذكر ما يخص اليهود من التحريم ، إثر بيان ما يحل لأهل الإسلام وما يحرم عليهم ، وتحريم الشيء إما لضرر فيه ، وإما لبغي المحرم عليهم ، فأشار للأول بقوله : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ } الخ ، وأشار للثاني بقوله : { وَعَلَىٰ ٱلَّذِينَ هَادُواْ } الخ . قوله : { إِنَّ رَبَّكَ } لما بالغ في تهديد المشركين ، وبين ما حل وما حرم ، ذكر أن فعل تلك القبائح ، لا يمنع من التوبة والرجوع والإنابة ، بل باب التوبة مفتوح لكل كافر ما لم يغرغر ، فهو ترغيب للكافر في الإسلام ، وللعاصي في التوبة ، والإقلاع عن الذنوب . قوله : { ٱلَّذِينَ } متعلق بمحذوف دل عليه خبر { إِنَّ } الآتية ، تقديره ثم إن ربك لغفور رحيم للذين عملوا السوء ، الخ . قوله : { بِجَهَالَةٍ } أي بسبب جهل العواقب وجلال الله ، إذ لا يقع الذنب إلا من جاهل بالعواقب ، أو جاهل بجلال الله ، ولو علم قدر العقاب المدخر للعاصي ، ما قدم على معصية قط . قوله : { مِن بَعْدِ ذَلِكَ } أي الشرك . قوله : ( أو التوبة ) أو لتنويع الخلاف في مرجع الضمير . قوله : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً } للمفسرين في معنى هذه اللفظة أقوال ، قيل الأمة معلم الخير ، أي إنه كان معلماً للخير ، يأتم به أهل الدنيا ، وقيل إنه كان مؤمناً وحده ، والناس كلهم كفار ، فلهذا المعنى كان أمة وحده ، وقيل الأمة الذي يقتدى ويؤتم به ، لأنه كان إماماً يقتدى به ، وفي الأصل الأمة الجماعة ، وإطلاق الأمة بمعنى الجماعة عليه ، لجمعه أوصاف الكمالات التي تفرقت في الخلق ، ومنه قول الشاعر : @ وليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد @@ وقد ذكر الله في هذه الآيات من صفات إبراهيم ، عشرة أوصاف حميدة . قوله : ( مائلاً إلى الدين القيم ) أي تاركاً لما عداه من الأديان الباطلة . قوله : { وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } هذا الوصف قد علم التزاماً منقوله : { حَنِيفاً } وإنما ذكره رداً على المشركين ، حيث زعموا أنهم على ملة إبراهيم . قوله : { شَاكِراً لأَنْعُمِهِ } أي صارفاً جميع ما أنعم الله به عليه ، إلى ما خلق لأجله فهو معصوم عن الغفلة ، وعن كل شاغل يشغله عن الله ، ظاهراً وباطناً . قوله : { ٱجْتَبَاهُ } أي اختاره من دون خلقه ، وهذا الوصف وما بعده ، ناشىء من الله خاصة ، لم يكن له فيه كسب ، إشارة إلى أن ما نشأ عنه من الأخلاق الحميدة والأفعال الجميلة ، باختيار الله له لا بنفسه . قوله : { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي دين قويم لا اعوجاج فيه . قوله : ( فيه التفات عن الغيبة ) أي إلى التكلم ، إشارة إلى زيادة الاعتناء بشأنه . قوله : ( هي الثناء الحسن ) أي الذكر بخير . قوله : ( في كل أهل الأديان ) أي عند كل أهل الملل ، فجميعهم يترضون عنه ولا يكفرون به ، ويزعمون أنهم على ملته . قوله : { لَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ } أي من أكملهم وأعلاهم درجة ، وهذا تتميم لقوله : { وَآتَيْنَاهُ فِي ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةً } فإن حسنة الدنيا لا تتم إلا بحسنة الآخرة .