Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 112-117)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً } المثل تشبيه قول بقول آخر بينهما مشابهة ، ليتبين أحدهما ويظهر . قوله : ( هي مكة ) هذا هو المشهور بين المفسرين وهو الصحيح ، وعليه فالآية مدنية ، لأن الله تعالى وصف القرية بصفات ست ، كانت هذه الصفات في أهل مكة ، حين كان النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وعلى القول بأنها مكية ، يكون إخباراً بالغيب ، تنزيلاً لما سيقع منزلة الواقع لتحقق الحصول . قوله : { رَغَداً } بفتح الراء والغين المعجمة ، يقال رغد العيش بالضم رغادة اتسع . قوله : { مِّن كُلِّ مَكَانٍ } أي من كل جهة من البر والبحر . قوله : { بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ } جمع نعمة على ترك الاعتداد بالتاء ، كدرع وأدرع ، أو جمع نعماء ، كأبؤس وبأساء . قوله : ( بتكذيب النبي ) الباء سببية . قوله : { فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ } أي وذلك أن الله ابتلاهم بالجوع سبع سنين ، فقطع عنهم المطر ، وقطعت العرب عنهم الميرة ، حتى جهدوا ، فأكلوا العظام المحرقة والجيف والكلاب والميتة ، وشربوا الدماء ، واشتد بهم الأمر ، حتى كان أحدهم ينظر إلى السماء فيرى شبه الدخان ، ثم إن رؤساء مكة ، كلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقالوا له : ما هذا دأبك ، عاديت الرجال ، فما بال النساء والصبيان ، فأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس في حمل الطعام إليهم ، وفي رواية أنهم أرسلوا إليه أبا سفيان بن حرب في جماعة ، فقدموا عليه المدينة ، وقال له أبو سفيان : يا محمد إنك جئت تأمر بصلة الرحم والعفو ، وإن قومك قد هلكوا ، فادع الله لهم ، فدعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأذن للناس بحمل الطعام إليهم وهم بعد مشركون ، واعلم أن العلماء ذكروا في هذه الآية ثلاث استعارات : الأولى تصريحية أصلية في الجوع والخوف ، من حيث إضافة اللباس إليهما ، وتقريرها أن يقال : شبه ما غشيهم من اصفرار اللون ونحولة البدن وسوء الحال باللباس بجامع الظهور في كل ، واستعير اسم المشبه به للمشبه . الثانية مكنية ، وتقريرها أن يقال : شبه ذلك اللباس من حيث الكراهية ، بالطعم المر البشع ، طوى ذكر المشبه به ، ورمز له بشيء من لوازمه وهو الإذاقة ، فإثباتها تخييل : الثالثة تبعية وتقريرها أن يقال : شبه الابتلاء بالإذاقة ، واستعير اسم المشبه به للمشبه ، واشتق منه الإذاقة أذاقهم بمعنى ابتلاهم . قوله : ( بسرايا النبي ) الباء سببية ، والمراد بسراياه جماعته التي كان يبعثها للإغارة عليهم ، فكان أهل مكة يخافونهم . قوله : { بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } أي بسبب صنعهم ، أو بسبب الذي كانوا يصنعونه . قوله : { وَلَقَدْ جَآءَهُمْ } أي أهل مكة . قوله : { رَسُولٌ مِّنْهُمْ } أي من جنسهم . قوله : { وَهُمْ ظَالِمُونَ } الجملة حالية ، والمراد بالظالمين الكافرون . قوله : { فَكُلُواْ } مفرع على التمثيل ، أي فإذا علمتم ما حصل للكفار من الحرمان ، وما حل بهم ، بسبب كفر النعم ، فدوموا أيها المؤمنون على حالتكم المرضية وكلوا الخ . قوله : { حَلَـٰلاً طَيِّباً } حالان من ما ، أي كلوّا مما رزقكم الله به حال كونه حلالاً طيباً . قوله : { تَعْبُدُونَ } أي تطيعون . قوله : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ } الخ شروع في ذكر المحرمات ، ليعلم أن ما عدا ذلك حلال طيب قوله : { فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ } أي خارج على الإمام كالبغاة ، وقوله : { وَلاَ عَادٍ } أي قاطع للطريق ، فلا يباح لهم تعاطي الميتة إذا اضطروا ما لم يتوبوا ، وأما المضطر غير ما ذكر ، فيحل له الأكل منها والشبع والتزود عند مالك ، وعند الشافعي لا يحل له إلا ما يسد رمقه . قوله : { وَلاَ تَقُولُواْ } ( لا ) ناهية والفعل مجزوم بحذف النون ، والواو فاعل ، وقوله : { هَـٰذَا حَلاَلٌ } الخ مقول القول ، وقوله : { لِمَا تَصِفُ } اللام للتعليل ، وما مصدرية و { ٱلْكَذِبَ } مفعول لتصف ، قوله : { لِّتَفْتَرُواْ } بدل من التعليل الأول ، والمعنى لا تقولوا هذا حلال وهذا حرام ، لأجل وصف ألسنتكم الكذب ، افتراء على الله بنسبة ذلك إليه . قوله : ( بنسبة ذلك ) أي التحليل والتحريم . قوله : { لاَ يُفْلِحُونَ } أي لا يفوزون ولا يظفرون بمطلوبهم ، لا في الدنيا ولا في الآخرة ، والوقف هنا ، وقوله : { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } كلام مستأنف . قوله : { مَتَاعٌ قَلِيلٌ } مبتدأ خبره محذوف ، قدره المفسر بقوله : ( لهم ) وقدره مقدماً ليكون مسوغاً للابتداء بالنكرة .