Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 125-125)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ٱدْعُ } فعل أمر ، وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت ، ومفعوله محذوف قدره المفسر بقوله : ( الناس ) وفي هذه إشارة إلى أن بعثته عامة ، وعبر بالناس وإن كان داعياً للجن أيضاً ، باعتبار ما ظهر لنا فقط . قوله : ( دينه ) سمي الدين سبيلاً ، لأنه الموصل لدار السعادة الأبدية ، والسعادة السرمدية . قوله : ( بالقرآن ) أي وسمي حكمة ، لأنها العلم النافع . قوله : { وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } عطف خاص على عام ، لأن القرآن مشتمل على مواعظ وغيرها ، والمراد بالموعظة الحسنة الترغيب والترهيب ، والحكمة في ذكر الموعظة الحسنة ، التشويق للعبادة والنشاط لها ، وسهولة العبد عن المخالفات ، لما في الحديث " كان صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة أحياناً ، مخافة السآمة علينا " أي يخلل كلامع بالترغيب والترهيب في بعض الأحيان ، لئلا يحصل لنا الملل من توالي الأمر والنهي ، وتتابعهما من غير تخللهما بشيء يروح النفوس ويشوقها ، ويحثها على فعل الطاعات واجتناب المنهيات . قوله : ( أو القول الرفيق ) تفسير ثان للموعظة الحسنة ، والمراد بالقول الرفيق ، الألفاظ التي فيها اللين والرفق كقوله تعالى : { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ } [ الشورى : 23 ] وقوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون { وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } [ غافر : 41 ] الآيات . قوله : { بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي ليترتب على ذلك حصول الفائدة لهم ، والانقياد للطريق القويم . قوله : ( بآياته ) أي كقصة إبراهيم مع قومه ، حيث قال لهم حين جن عليه الليل ورأى كوكباً { رَأَى كَوْكَباً } [ الأنعام : 76 ] الخ . قوله : ( والدعاء إلى حججه ) أي براهينه ودلائله ، قال تعالى : { قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ يونس : 101 ] الآية . قوله : ( أي عالم ) أشار بذلك إلى أن اسم التفضيل ليس على بابه ، ودفع بذلك ما يقال إن اسم التفضيل يقتضي المشاركة ، مع أن صفات الله قديمة ، لا مشارك له فيها . قوله : { بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ } أي حاد وزاغ عنه . قوله : { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } حكمة التعبير في جانب أهل الهدى بصيغة الاسم ، وفي جانب أهل الضلال بالفعل ، الإشارة إلى أن أهل الهدى ، استمروا على الفطرة الأصلية ، وأهل الضلال غيروا تلك الفطرة وبدلوها بأحداث الضلال . إن قلت : قوله تعالى : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ العصر : 2 - 3 ] الخ ، يقتضي أن الأصل في الإنسان ، الضلال والهدى طارىء عليه . أجيب : بأنه محمول على العالم الجسماني ، أي أن الأصل في الإنسان ، باعتبار عالم الأجساد الخسران والضلال ، والهدى طارىء ببعثه الرسل ، وما في هذه الآية محمول على عالم الأرواح ، وهو الأصيل ، لأن الله لما خاطب الأرواح في عالم الذر وقال لهم : ألست بربكم ؟ قالوا جميعاً : بلى ، فالمهتدي في عالم الأجساد استصحب ذلك الأصل ، ومن ضل في عالم الأجساد ، فقد نسي ذلك العهد ، وتبع شهوات نفسه . ثم اعلم أن مقتضى حل المفسر ، يقتضي أن المدعو بالحكمة والموعظة الحسنة ، والجدال بالتي هي أحسن واحد ، وقال بعضهم : الناس خلقوا ثلاثة أقسام ، الأول العلماء الراسخون ، فهم المشار إليهم بقوله : { ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ } أي العلم النافع ، لينتفعوا وينفعوا الناس . الثاني الذين لم يبلغوا حد الكمال ، وكانوا دون الأوائل ، وهم المشار إليهم بقوله : { وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ } . الثالث الكفار أصحاب الجدال والخصام ، وهم المشار إليهم بقوله : { وَجَٰدِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي لينقادوا للحق ويرجعوا إليه . قوله : ( وهذا قبل الأمر بالقتال ) أشار بذلك إلى أن الآية منسوخة ، وقيل ليست منسوخة ، لأن الأمر بالمجادلة الحسنة ، ليس فيها نهي عن القتال ، بل المراد ادعهم وجادلهم برفق في أول الأمر ، فإن امتثلوا فواضح ، وإلا فشيء آخر . قوله : ( ونزل ) أي بالمدينة . قوله : ( لما قتل حمزة ) أي في السنة الثانية في أحد ، وحمزة عم رسول الله وأخوه من الرضاع ، وقريبه من الأم أيضاً ، وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين . قوله : ( ومثل به ) أي مثل به المشركون ، فقطعوا أنفه وأذنيه ، وذكره وأنثييه وفجروا بطنه . قوله : ( وقد رآه ) الجملة حالية . قوله : ( والله لأمثلن ) الخ في كلام المفسر اختصار للحديث ، ولفظه " أما والله لئن ظفرني الله بهم لأمثلن " الخ .